فهل يصحّ في هذه الظروف نبش الدفائن والتنقيب عن المسائل الّتي تفكك عرى الوحدة ، وتوجد القلق والاضطراب ، أو ليست الوظيفة في هذه الظروف الدعوة إلى الوحدة وتناسي البحث عن هذه المسائل أو تأجيلها إلى آونة أُخرى ؟!
هذه خلاصة القول في الرسالة الأُولى ، وكفانا في نقدها ما كتبه العلاّمة المحقّق الشيخ لطف الله الصافي ( دام ظله ) قبل أعوام عندما نشر الكاتب المذكور رسالته الأُولى ، فأجاب عنها الشيخ برسالة أسماها « إيران تسمع فتجيب » (١) ، وقد قابله بأجوبة رصينة ، وبما أنّ الظروف في تلك الأعوام لم تسمح له بالأصحار بالحقائق بأكثر ممّا فيها ، لذلك طوى الكلام عن كثير من الانتقادات المتوجهة إليها ، فشكر الله مساعي شيخنا المحقّق ونفعنا الله بوجوده وعلومه.
إنّ الرسالة الثانية تشتمل قبل كل شيء على « علم كلام » جديد غفل عنه مشايخ المعتزلة وأئمة الأشاعرة ، كما تشتمل على أُمور مفتعلة على الشيعة وهم برآء منها ، وقد طرحت في كتب المغرضين من القدماء كابن حزم وتيمية وحجر ، والمتأخرين عنهم أحمد أمين المصري والخضري ذلك الأُموي المباهت وغيرهم من كتب السلف والخلف. والمطلب الجديد الّذي أتى به الكاتب ما زعم أنّه يشترط في النبوّة الدائمة تحقّق شروط أربعة وإنّها من ملامح الرسالة الخالدة ، وإليك تحليل تلك الشروط واحداً بعد الآخر.
يقول : إنّ معجزة التأثير والهداية يجب أن تتحقّق في حياة الرسول وعلى أثر
__________________
(١) طبعت الرسالة عام ١٣٩٩ ه ، ونشرتها دار القرآن الكريم في قم المشرّفة.