صحة رسالته واستجماعها شرائط الصحة ؟!!
والعجب أنّ يهود أبناء قريظة والنضير وقينقاع ، تمسّكوا بهذا العذر عندما دعاهم النبي إلى الطريق المهيع.
فقالوا : يا محمد إلى مَ تدعو ؟ قال : « إلى شهادة أن لا إله إلاّ الله وأنّي رسول الله ، وأنّي الّذي تجدونني مكتوباً في التوراة ، والّذي أخبركم به علماؤكم انّ مخرجي بمكة ومهاجري بهذه الحرة ... يبلغ سلطاني منقطع الخف والحافر » فقالوا له : قد سمعنا ما تقول ، وقد جئناك لنطلب منك الهدنة على أن لا نكون لك ولا عليك ولا نعين عليك أحداً ولا نتعرض لأحد من أصحابك ولا تتعرض لنا ولا لأحد من اصحابنا حتّى ننظر إلى ما يصير أمرك (١).
فقولهم : « حتّى ننظر إلى ما يصير أمرك » تعليل لتوقفهم في الإيمان برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأنّ تثبتهم لأجل الاستطلاع عن بلوغ سلطانه منقطع الخف والحافر أو لا ، وكأنّهم يقولون : « فما لم نر بأُمِّ أعيننا أنّه آمنت بك جمهرة الناس ، فلا نؤمن بك » فلو كان هذا الكلام ، دليلاً رصيناً يصحّ لكل من كفر ولم يؤمن به في بدء الدعوة الالتجاء إلى هذا العذر ، وعند ذاك أصبح إيمان الناس بدعوة النبي أشبه بالدور ، إذ تلبية كل إنسان معاصر في بدء الدعوة وإيمانه بالدعوة النبوية ، يتوقف على تحقّق هذا الشرط أي إيمان الجيل المعاصر به ، ومن جانب آخر يتوقف تحقّق هذا الشرط على تلبية كل إنسان معاصر للدعوة وإيمانه به ، وهل هذا إلاّ الدور الصريح المحال ، وعندئذ لايصل الداعي إلى نتيجة إيجابية أبداً ، ويكون الكفّار في صدر الدعوة معذورين حسب هذا المنطق.
__________________
(١) إعلام الورى بأعلام الهدى : ٧٦.