الماديين ، فإنّ محور الجهود الّتي يبذلها مؤسسو تلك الحكومات هو قيام مملكة خاصّة ، وتأسيس حكومة وراثية ، ثم استنتج من هذا الشرط أنّ عقيدة الشيعة بالإمامة الموروثة على خلاف هذا الشرط (١).
أقول : إنّ الشيعة الإمامية عن بكرة أبيهم لم يقولوا بالحكومة الوراثية ، وإنّما هي تهمة أُلصقت بهم بسبب الجهل بمعتقداتهم ، فإنّ الشيعة وإن قالت بأنّ الإمام المفترضة طاعته بعد علي ، هو ابنه الحسن ، فالحسين ، وهكذا ، ولكنّه ليس لأجل أنّهما ولدا الإمام علي بن أبي طالب ، وإنّما لأجل التنصيص على إمامتهما من جانب الرسول خلال حياته ، بقوله : « الحسن والحسين ابناي إمامان قاما أو قعدا » (٢). ولو قالت الشيعة بأنّ الإمام بعد الحسين هو ابنه علي بن الحسين لا من جهة أنّه ولده ووارثه ، بل لأجل التنصيب من الله سبحانه لهم ، ولو كانت الوراثة هي المحور للإمامة لكان أخو الإمام الحسين ، أعني : محمد بن الحنفية أَوْلى بها من علي بن الحسين ، لأنّه ابن الإمام أمير المؤمنين علي ، وأكبر سناً من ابن الحسين علي السجاد.
وعلى ذلك ، فالشيعة تعتقد بإمامة الأئمّة الاثني عشر أوّلهم أمير المؤمنين عليهالسلام وآخرهم الإمام القائم الّذي أخبر عنه الرسول وعن غيبته وظهوره وقيامه في كلماته ، وقد ملأت كتب الفريقين أحاديثه ، وذلك لأجل وجود النص على إمامة هؤلاء من النبي الأكرم ومن كلّ إمام بالنسبة إلى إمام بعده ، فباكتمال العدد الاثني عشر ، انتهت الإمامة التنصيصية ، فلو كانت الإمامة عندهم بملاك الوراثة لوجبت إدامة الإمامة ، إدامة وراثية من أهل بيت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأولاد الأئمّة
__________________
(١) صورتان متضادتان : ١٢.
(٢) أو أبناي هذان ... رواه أعلام الفريقين : لاحظ « أهل البيت » تأليف أبو علم طبع مطبعة السعادة بالقاهرة.