الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْها) ـ ١٧ / ٧٦ ،.
تنبيه
ان هذا الفعل اذا لم يسبقها نفى يفيد دنو المبتدا من الخبر سواء كان مدخولها مثبتا او منفيا ، والدنو اعم من الوقوع وعدم الوقوع ، ولكنه يستعمل فيما لم يقع ، فقولك : كاد زيد يموت اى دنا منه ولكن لم يمت ، وقولك : كاد زيد لم يعط شيئا ، اى دنا من عدم الاعطاء ولكن اعطى ، فلذا اشتهر بين النحاة ان اثبات كاد نفى للفعل الواقع بعده ، وفى المثال الثانى نفى للمنفى فنتيجته الاثبات ، وهذا حق لا من جهة مفهوم هذا الفعل لان مفهومه ليس عدميا ، بل استعماله جرى على نفى الفعل بعده.
واما اذا دخل النفى على نفس هذا الفعل فيفيد نفى دنو المبتدا عن الخبر ، ونفى الدنو ايضا اعم من الوقوع وعدم الوقوع ، ولا يعلم احدهما الا بالقرينة ، ولولاها احتمل الامران ، فما اشتهر ايضا بينهم من ان نفى كاد اثبات للفعل مستشهدين بآية البقرة ليس بحق ، لان الكلام نفسه لا يدل على ذلك ، بل قرينة فذبحوها تدل على الوقوع ، واما الكلام نفسه فمعناه : وما كانوا يقربوا من فعل الذبح لانهم كانوا اولا بعداء عن ذبحه حسب اظهاراتهم وتعللاتهم ، ثم قربوا فذبحوها ، والله تعالى اخبر عن الامرين : عن وقوع الذبح بقوله فذبحوها وكونهم بعداء عنه اولا بقوله : (وَما كادُوا يَفْعَلُونَ) ـ ٢ / ٧١ ، فاغتنم ما تلوت عليك فان للقوم ههنا كلمات قلما يجد الطالب منها مخرجا واضحا.
والشاهد على ما بينا استعماله فيما لم يقع بدلالة القرينة فى قوله تعالى : (فَما لِهؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً) ـ ٤ / ٧٨ ، والمراد بهولاء القوم المنافقون ، فانهم بنفاقهم واعراضهم قلبا عن الحق لم يفقهوا حديث القرآن ، وكذا قوله تعالى : (إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها) ـ ٢٤ / ٤٠ ، اى من كان فى ظلمات اعماله التى بعضها