الفصل الثامن
الحال اما واحدة وهى الاكثر واما متعددة ، وهى مترادفة او متداخلة ، والمراد من المتعددة ما يتعدد لفظها لا المثنى والجمع ، فان كلا منهما بوحدته ان وقع حالا فواحدة.
مثال الواحدة كثير مما مر ، وقوله تعالى : (وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ) ـ ٤٤ / ٣٨ ، (وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ) ـ ١٤ / ٣٣ ،.
مثال المترادفة قوله تعالى : (إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُ الرَّحْمنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيًّا) ـ ١٩ / ٥٨ ، (وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ) ـ ٩٨ / ٥ ، (وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا) ـ ١٧ / ٩٧ ، ثُمَّ جَعَلْنا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاها مَذْمُوماً مَدْحُوراً ـ ١٧ / ١٨ ، (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ) ـ ٦٧ / ١٩.
وقد يكون بالعكس ، اى يكون الحال واحدة وذو الحال متعددا ، نحو قوله تعالى : (وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّراتٌ بِأَمْرِهِ) ـ ١٦ / ١٢ ، على قراءة نصب مسخرات ، وقد يكون كلاهما متعددا ، نحو لقيت زيدا صاعدا هابطا احديهما للفاعل والاخرى للمفعول ، وكقول الشاعر :
خرجت بها امشى تجرّ وراءنا ٢٧٨ |
|
على اثرينا ذيل مرط مرحّل |
مثال المتداخلة ، وهى المتعددة التى كل منها حال لما قبلها ، نحو قوله تعالى : (ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ) ـ ٢١ / ٢ ، استمعوه حال من مفعول ياتيهم ، وهم يلعبون حال من فاعل استمعوه ، ولاهية قلوبهم حال من فاعل يلعبون ، ولو اخذتها مترادفة بان يكون جميعها احوالا لمفعول ياتيهم لا يختل المعنى ، ولكن يفوت ما يراد من تقييد كل منها بما قبلها.
وقد يتضمن حال واحدة لحالين ، وهى من المتعددة ، نحو قوله تعالى : (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ) ٢١ / ١ ، اى وهم فى غفلة وهم معرضون ، اذ امكن افراد كل من الغفلة والاعراض عن الآخر.