تنبيه
مما اوحى الى القوم : ان العوامل فى النحو كالمؤثرات الحقيقية واجتماع مؤثرين على اثر واحد ممتنع ، ولذلك ابوا فى باب التنازع ان يقولوا : ان الواحد معمول لعاملين او عوامل ، وتمحلوا لهذا الخطر بالحذف والتقدير او الاتيان بضمير المتنازع فيه ، وحكموا بايجاب الحذف او الذكر فى موضع وتحريمه فى موضع آخر ، وحكموا بشذوذ المأثور المخالف لما حكموا ، ولم يخالفهم فى ذلك الا الفراء.
مثلا : قال السيوطى : ان اعملت الاول واحتاج الثانى الى منصوب وجب ايضا اضماره ، اى الاتيان بضمير المتنازع فيه نحو ضربنى وضربته زيد وندر قوله.
بعكاظ يغشى الناظري |
|
٣٢٩ ن اذا هم لمحوا شعاعه |
اقول : ان البيت من البلاغه بمكان ، وهو كما روى لعاتكه بنت عبد المطلب.
واما الممتنع واقعا فى هذا الفن فهو اجتماع الاثرين اى اجتماع الرفع والنصب مثلا على كلمة واحدة الا ان يكون احدهما لفظا والآخر محلا وذلك لامتناع التلفظ بهما معا لان كلا منهما حركة الى جهة ، والمتحرك الواحد لا يمكن ان يتحرك الى جهتين معا ، الا ان يكون احدهما تابعا كالراكب للسيارة السائرة الى جهة وهو يسير فيها الى خلفها.
واما اجتماع المؤثرين فهو ممتنع فى المؤثر التام الحقيقى ، لان الاثر الواحد ان اسند الى علتين تامتين لزم الخلف ، اذ الاسناد اليهما يدل على كونهما غير تامتين وباجتماعهما حصلت العلة التامة ، واما العوامل النحوية فليست بعلل فكيف بكونها تامة ، بل هى علامات تدل على المرادات كما ذكرنا فى المقدمة.
فالحق ان قولك : جاء وجلس زيد سائغ كجاء زيد وجلس ، ورايت فاكرمت زيدا سائغ كرايت زيدا فاكرمته ، وان شئت فقل : رايته واكرمت زيدا فانه كرايت زيدا فاكرمته ، وكذا غير ذلك من الاساليب ، كما مر امثلتها ولا باس بارجاع