لاحق ، نحو (فَما مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ) ـ ٩ / ٣٨.
اقول : هذا لا يخرج فى عن معناها ، لان التقدير : فما متاع الحياة الدنيا فى جنب الآخرة الا قليل ، ونحوه قول على عليهالسلام : سبحانك ما اعظم ما نرى من خلقك وما اصغر عظمه فى جنب قدرتك ، وما اهول ما نرى من ملكوتك وما احقر ذلك فيما غاب عنا من سلطانك ، وما اسبغ نعمك فى الدنيا وما اصغرها فى نعيم الآخرة ، واجاز بعضهم وقوع فى زائدة فى الكلام ، وياتى ذكرها فى خاتمة الكتاب.
الفصل الثامن
فى معنى عن ، وهى للمجاوزة ، اى مدخولها متجاوز عنه ، والتجاوز اما بالمرور وهو ان ينتقل شىء عن مبدء ويصل الى شىء ويتجاوز عنه ، واما بالصدور ، وهو ان ينتقل شىء عن شىء ، والثانى هو المجاوزة الابتدائية التى يصح ان يوتى لها عن او من وكل من المعنيين اما حسى واما معنوى ، فهى اربعة اقسام.
القسم الاول
التجاوز الحسى بالمرور ، نحو قوله تعالى : (فَما لِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ عِزِينَ) ـ ٧٠ / ٣٧ ، لانهم ياتونه ويتجاوزون عن يمينه وشماله ، ثم يقعدون فى ناحية ، وعزين اى مجتمعين ، (فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى) ـ ٨٠ / ١٠ ، (فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنا) ـ ٥٣ / ٢٩ ، فان التلهى والاعراض والتولى تجاوز النظر عن شىء بعد وقوعه عليه ، وقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ) ـ ٢١ / ١٠١ ، فان اهل الجنة ياتون الى النار ويتجاوزون عنها على جسر جهنم الى الجنة ، (ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ) ـ ٧ / ١٧ ، فان الشيطان ياتى الى الانسان ويتجاوز عن يمينه وشماله الى جانب آخر ، واما بين يديه وخلفه فله توقف ليوسوس فى صدره