الفصل الثانى
فى الحذف ، وهو اسقاط الكلمة او الكلام ، وهذا غير الحذف فى الصرف فانه اسقاط الحرف من الكلمة ، وهو باب واسع مذكور فى كل مبحث ما هو راجع الى ذلك المبحث ، ولكن نذكر هنا منه امورا.
الامر الاول
فى الحذف شرطان :
الشرط الاول وجود دليل يدل على المحذوف ، ويقال له فى الاصطلاح القرينة ، والقرينة اما عقلية او حالية ويقال لها وضعية ايضا او مقالية ، ويقال لها لفظية ايضا ، نحو قوله تعالى : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ) ـ ٤ / ٢٣ ، اى نكاح امهاتكم ، فان العقل يدل على ان الحل والحرمة لا يتعلقان بالذوات ، بل بالافعال ، ونحو قوله تعالى : (وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا) ـ ٨٩ / ٢٢ ، اى جاء امر ربك ، لان العقل يدل على انه تعالى يستحيل عليه الحركة ، وصرح بهذا المحذوف فى هذه الآية : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ) ـ ١٦ / ٣٣.
مثال القرينة الحالية قوله تعالى : (وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودانِ) ـ ٢٨ / ٢٣ ، اى يسقون انعامهم وتذودان انعامهما ، فان حال الناس على الماء يدل على ذلك ، ونحو بسم الله الرحمان الرحيم الذى يقوله الشارع فى العمل ، فان حاله مع عمله يدل على المحذوف من آكل او ادخل او امشى او غير ذلك من فعله الخاص ، وان شئت فقدر ابتدى فى كل فعل.
مثال القرينة المقالية قوله تعالى : (وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً) ـ ١٦ / ٣٠ ، اى انزل خيرا بقرينة ذكره ، وقوله تعالى : (وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ