فى الامثلة ، واما التعقيب فيفارقها قليلا ، فلا باس حينئذ ان يقال انها بمعنى ثم ، نحو قولهم : مطرنا بمكان كذا فمكان كذا ، دخلت الكوفة فبغداد فالبصرة لاخذ الحديث ، وكقول الشاعر.
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل |
|
١١٢٤ بسقط اللّوى بين الدخول فحومل |
٣ ـ ان السببية اما تامة ، فحينئذ لا ينفك عنها التعقيب ، نحو كسرت الكوز فانكسر ، ومنه قوله تعالى : (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) ـ ٣٦ / ٨٢ ، واما غير تامة ، فالتاخير قطعى ان لم يكن المعطوف عليه جزءا اخيرا من السبب التام ، نحو قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً) ـ ٢٢ / ٦٣ ، فالسببية لا تستلزم التعقيب الا ان تكون تامة.
٤ ـ ان المتعاطفين بالفاء المفيدة للسببية فى حكم الشرط والجزاء ، فلذلك يدخل الفاء كثيرا على جملة الجزاء ، وياتى بيانها فى مبحث ادوات الشرط ، وقيل ان الفاء قد تكون زائدة ، وياتى ذكرها فى الخاتمة.
الثالث من حروف العطف ثمّ
وهى تستعمل فيما كان بين المعطوف عليه والمعطوف ترتيب وتراخ ، والتراخى قد يكون بين آخر المعطوف عليه واول المعطوف ، وهذا هو المتبادر منه ، وقد يكون بين اوله واوله مع اتصال آخره باوله ، والمتعاطفان بالفاء قد يكونان كذلك ، كما ان ثم تشرك الفاء فى الترتيب ايضا ، فالمائز بيهما هو معنى السببية.
مثال الاول قوله تعالى : (كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ) ـ ١٠٢ / ٥ ـ ٨ ، فان الرؤية الاولى فى الدنيا وهى قلبية والثانية فى البرزخ وهى عينية والسؤال فى الآخرة ، (مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ) ـ ٨٠ / ١٩ ـ ٢٢ ، فان التراخى ظاهر بين المتعاطفات.