اقول : مراده من غيرها اى من القرينة ، واما خروج او الى معنى الواو فقد بينا شانه فى الامر الاول ، واما خروجها الى معنى بل فنوضحه الآن.
الامر الثالث تاتى او بمعنى بل للاضراب فى نحو قولك لابنك مثلا : لا تخالط الجهال او لا تجادلهم ، وقولك لصديقك مثلا ما رايتك امس او ما سامرتك البارحة ، وغير ذلك مما وقعت او بين نهيين مختلفين او نفيين مختلفين.
واما اذا وقعت بين نهيين او نفيين غير مختلفين فهى على معناها الاصلى ، كما تقول : لا تضربنى بالخشبة او لا تضربنى بالسوط ، لمن يضربك بهما ، لا يقم زيد او لا يقم عمرو ، ما قام زيد او ما قام عمرو ، فان النهى والنفى متوجهان الى احد الطرفين ، وعلى هذا لو كان قوله تعالى : (لا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ لا تطع منهم كَفُوراً) لكان النهى عن اطاعة احدهما لا بعينه ولا اضراب.
وكذا فى غير النفى والنهى ، نحو قوله تعالى : (وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ،) وقوله : (فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ،) وقوله (وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ ،) وقول الشاعر : كانوا ثمانين او زادوا ثمانية ، فان او فيها على معناها الاصلى ، ومن ذهب الى انها بمعنى بل فقد اخطا ، لان المراد ان الواقع احدهما.
واما قوله تعالى : (وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ آياتٍ بَيِّناتٍ وَما يَكْفُرُ بِها إِلَّا الْفاسِقُونَ أَوَكُلَّما عاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) ـ ٢ / ٩٩ ـ ١٠٠ ، على قراءة او كلما بسكون الواو فهو من هذا الباب واو بمعنى بل ، لانها وقعت بين نفيين مختلفين اذ نبذ العهد بمعنى عدم العمل به ، والكفر عدم الايمان ، وهذا الذى بيناه هو التحقيق فى هذا المقام.
الامر الرابع يصح التقسيم بالواو وباو ، فالواو باعتبار اجتماع الاقسام تحت المقسم ، واو باعتبار عدم اجتماع كل قسم مع آخر وكونه قسيما له ، فمعنى قولك : الكلمة اسم وفعل وحرف ان هذه الثلاثة مندرجة تحت الكلمة ، ومعنى قولك : الكلمة اسم او فعل او حرف ان كل كلمة احد هذه الثلاثة ، فلا يكون التقسيم من معانى او