والمعانى ، ثم من الانشاء ما ليس له وراء المنشا شىء آخر ، كانشاء التعجب والمدح والذم والتمنى والترجى والقسم ، ومنه ما له وراءه شىء آخر كالامر والنهى والعقود والايقاعات المذكورة فى الفقه فيترتب عليها افعال وتروك واحكام وانتقالات ، هذا.
واما الكلمات المقترنة بالافعال الدالة على المضى او الحال او الاستقبال بالنسبة الى زمان التكلم فلكل منها شانه فى دلالته على معناه.
واعلم ان القوم على السبيل الذى ركبوا اختلفوا فى توجيه ما ورد على خلاف سبيلهم ، وعقد ابن هشام بابا فى ثامن المغنى لذلك ، وقال : القاعدة السادسة انهم يعبرون عن الماضى والآتى كما يعبرون عن الشئ الحاضر قصدا لاحضاره فى الذهن حتى كانه مشاهد حال الاخبار ، ومراده ما ذكرنا من حكاية حال الماضى وحال المستقبل فى الفصل الثالث من الباب الثالث فى المبحث الثانى والعشرين من المقصد الثانى ، ثم اتى بآيات واشعار وتكلم فيها تطبيقا لما هو فى سبيله ، ونحن نذكرها وغيرها ونبين انها منطبقة على ما بينا ، ونترك ما التزموا به ، ثم نذكر ما يدل على الازمنة الثلاثة بالنسبة الى زمان التكلم ، فهنا فصول اربعة.
الفصل الاول
فيما استعمل من الافعال مجازا من حيث الزمان على مسلك القوم ، وهى حقيقة على مسلكنا ، ليس فيها تجوز ، ودونك بعضا منها.
الاول قوله تعالى : (وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) ـ ١٦ / ١٢٤ ، يرشد الى ان تلبس ربك بالحكم بين العباد يوم القيامة ، كما قال تعالى : (سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ) ـ ٥٥ / ٣١.
الثانى قوله تعالى : (وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها كَذلِكَ النُّشُورُ) ـ ٣٥ / ٩ ، اتى ارسل وسقنا واحيينا