ويشعر بيان هذه الشهادة ان جميع الاوصاف الكمالية والجلاليّة التي ذكرت لأئمّة الهدى عليهمالسلام مقتبسين من فيض الوجود المقدّس لذلك الواحد الأحد ، وكانوا عليهمالسلام بهذه المقامات العالية والمراتب السّامية من عباد الله عزّ وجل ، فهم يحتاجون في جميع الشؤون الى ساحته المقدّسة ، فهو المعبود جلّ إسمه وهم العباد عليهمالسلام فهو خالق عظيم وهم عباد خاضعين ، وهو ربّ كريم وهم مربوبون له ، كما اشاروا عليهمالسلام الى ذلك وقالوا :
«نزّهونا عن الرّبوبية وقولوا فينا ما شئتم» (١).
(وَحْدَهُ لا شَرِيْكَ لَهُ)
فهو اله واحد وملك لا شريك له ، فهذه الجملة تأكيد على الجملة السالفة.
(كَمَا شَهِدَ اللهُ لِنَفْسِهِ وَشَهِدَتْ لَهُ مَلائِكَتُهُ وَاُولُوا العِلْمِ مِنْ خَلْقِهِ)
يعني كما شهدوا شهادةً حقيقية مخلصة بالاخلاص الواقعي لم تصل القدرة البشرية الى إدراك كنهه ، ولم تقف ادراكات الإنسان على حقيقته ، فعلى هذا نشهد على توحيد ذاته وصفاته كما شهد الله عزّ وجلّ على نفسه ، وكما ورد في حديث عن النّبي الاكرم صلىاللهعليهوآله قال :
__________________
(١) ورد هذا الحديث في بحار الانوار : للعلّامة المجلسي رحمه الله ، ج ٢٥ ، ص ٢٨٣ ، ح ٣٠ ، عن بصائر الدّرجات ، عن الامام الصّادق عليهالسلام بهذه الصّورة «يا كامل اجعل لنا ربّاً نؤب إليه وقولوا فينا ما شئتم» وفي ج ٤٧ ، ص ٦٨ ، ح ١٥ ، عن الامام الصادق عليهالسلام قال : «... اجعلنا مخلوقين وقولوا فينا ما شئتم فلن تبلغوا ...» ، فتأمّل عزيزي القارئ ، أنّ الائمّة الاطهار عليهمالسلام لم يدّعوا لأنفسهم الرّبوبيّة ولا الالوهيّة أبداً ، بل أن لهم مقام لا يدركه أحد ، لأنهم حقّاً كما هو موصُفون في هذه الزّيارة الشّريفة ، ولا تغريك أقلام الحاقدين الذين لا ديدن لهم إلّا إتهام الآخرين بالكفر والشّرك.