(وَانْتَجَبَكُمْ بِنُورِهِ)
والنور هنا الهداية الرّبانية والعلوم القرآنية والكلمات القدسية ، فاهتدى النّاس بأنوارهم وعلومهم وكمالاتهم كما ذكرنا أنفاً أنّهم أنوار الله عزَّ وجلّ في الأرض ، ويمكن أن تكون الباء «بنوره» بمعنى «من» وعندها يتغير معنى الجملة ـ أي أجتباكم وأوجدكم من نوره ، كما روي محمّد بن مروان عن الإمام الصادق عليهالسلام قال ، سمعته يقول :
«خلقنا الله من نور عظمته ، ثمّ صور خلقنا من طينة مخزونة مكنونة من تحت العرش فأسكن ذلك النّور فيه فكنّا نحن خلقاً بشراً نورانيين لم يجعل لأحد في الذي خلقنا منه نصيباً ، وخلق أرواح شيعتنا من أبداننا (١) ، أبدانهم من طينة مخزونة مكنونة أسفل من ذلك الطّينة ولم يجعل لأحد في مثل ذلك الذي خلقهم منه نصيباً إلّا الانبياء والمرسلين ، فلذلك صرنا نحن وهم النّاس (٢) وسائر الناس همجاً في النار وإلى النار» (٣).
(وَأيَدِكُمْ بِرُوحِهِ)
أي الروح الذي اختاره وهو روح القدس الذي هو معهم دائماً ويسددهم وذلك غير الارواح التي افاضها على المؤمنين وسائر النّاس ، وروي عن جابر الجعفي قال : قال لي الإمام جعفر الصادق عليهالسلام :
«يا جابر أنّ الله تبارك وتعالى خلق الخلق ثلاثة اصناف ، وهو قوله عزّ وجلّ :
__________________
(١) أي من فاضل طينة أبداننا.
(٢) في المصدر : وصار سائر الناس.
(٣) بحار الانوار : للعلّامة المجلسي رحمه الله ، ج ٢٥ ، ص ١٣ ، عن بصائر الدرجات : ص ٧.