وقال تعالى : (وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ...) (١).
ورأيت في التفاسير أن المراد من : «الحكمة» النبوة والإمامة ، والمراد من «الموعظة الحسنة» مواعظ القرآن الكريم والمراد من «جادلهم» المجادلة بالرّفق وحسن الخلق ونزاهة الكلام. لان الدّعوة بهذه الصّورة أقرب الى الصواب ، وأقرب الى القبول ، وإذا تبدلت المجادلة الى السفاهة والغلظة تكون سبباً الى تنافر القلوب واضلال الاخرين» (٢).
(وَبَذَلْتُمْ أنْفُسَكُمْ فِي مَرَضَاتِهَ)
أي بذلتم أنفسكم في أعمالٍ فيها رضا الله عزّ وجلّ وذلك بالمداومة على العبادة وباظهار العبودية والطاعة في ابداء الشّريعة الحقّة وتعليم الفرقة المحقّة وإعلاء كلمة الله وتشييد دين الله سرّاً وجهراً ، وعندما أصابكم ما أصابكم من القتل والأسر وغيرهما ، اذاً صبرتم في جميع هذه المواقف ، ولم تنحرفوا عن جادة الصبر أبداً.
(وَصَبَرْتُمْ عَلَى ما أصَابَكُم)
صبرتم على ما أصابكم من الاهانة والخفو والقتل والأسر ، لأن كل واحد منهم كان يتحمل العذاب في عصره من حكام الجور ، انظر الى حياة مولانا الإمام علي الهادي عليهالسلام حيث هذا الدّعاء مؤثور منه ـ الذي عاصر الخليفة المتغطرس العباسي المتوكل.
روي عن زرارة (الزرافة) حاجب المتوكل قال : أراد المتوكل أن يمشي الإمام
__________________
(١) العنكبوت : ٤٦.
(٢) راجع تفسير التبيان : للشّيخ الطوسي رحمه الله ، ج ٦ ، ص ٤٤٠ ، وتفسير مجمع البيان : للشّيخ الطبرسي رحمه الله ، ج ٣ ، ص ٣٩٢.