هؤلاء أشدّ النّاس بغضاً لنا ، وطعنا علينا ، وسعياً في فساد ملكنا بعد أخذنا بثأرهم ، ومساهمتنا إياهم ما حويناه ، حتى إنّهم لأميل إلى بني اُميّة منهم إلينا ، فأمّا ولده لصلبه منهم سادة الأهل ، والسّابقون الى الفضل ...» (١).
وكذلك مشهور أنّه لما دخل الإمام موسى الكاظم عليهالسلام على هارون وتكريمه له غاية الاكرام ، حتى أجلسه على مسنده ، فسأله إبنه المأمون بعد خروج الإمام عليهالسلام قائلاً : يا أمير المؤمنين من هذا الرّجل الذي قد عظمته وأجللته ، وقمت من مجلسك إليه فاستقبلته ...
قال هارون : هذا إمام الناس ، حجّة الله على خلقه وخليفته على عباده وهو موسى بن جعفر.
قلت : يا أبة لماذا لا تردَّ الحقّ الى نصابه.
قال هارون : فانّ الملك عقيم ، ووالله لو نازعتني هذا الامر لاخذت الذي فيه عيناك (٢).
(وَذَلَّ كُلُّ شَيءٍ لَكُم)
أي بقدرة الله تعالى وخضوع الخلفاء الجبابرة لهم وتذلل الجمادات (٣)
__________________
(١) مراده من هؤلاء : الشيعة والموالين لاهل البيت عليهمالسلام.
تاريخ الخلفاء : للسيوطي ، ص ٣٩٣ ، لا يشك البصير المتتبع في مراوغة هارون فيما يدعيه من حبّه لعلي وآل علي عليهمالسلام مع سفك الدّماء خيرة ابناء هذا البيت الشريف ، ولكنّه فراراً من ذمّ الناس يتحجج بهذه الحجج الواهية وهذا ديدن سلاطين الجور على مرّ العصور ، وما ارتكبه خلفاء بني العباس قد ملئت صفحات التاريخ الاسلامي الموالي والمعادي لهم عليهمالسلام.
(٢) راجع بحار الانوار : للعلّامة المجلسي رحمه الله ، ج ٤٨ ، ص ١٢٩ الى ١٣٣ ، عيون اخبار الرضا عليهالسلام : ج ١ ، ص ٨٨.
(٣) هناك شواهد كثيرة في تاريخ أهل البيت عليهمالسلام تذكر انقياد الموجودات اليهم واطاعتهم منهم كما حدث ذلك لامير المؤمنين عليهالسلام في حياة النّبي الاكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم عندما ردّ الله الشّمس له ، ورد عن ابن عباس بطرق كثيرة : أنّه لم ترُدّ الشمس إلّا لسليمان وصي داود ، وليوشع وصيّ موسى ، ولعلي بن أبي طالب وصيّ محمّد صلوات الله عليهم أجمعين.