وقد يراد من كونهم مهبط الوحي بسبب نزول الوحي عليهم وحديث الملائكة معهم في غير الامور والاحكام الشّرعية ، مثل الاُمور الغيبية من قبيل الارزاق والآجال والسعادة والشقاوة المتعلقة بالنفوس (لان الشريعة مختصات النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم) حيث يتنزل الوحي على كل أمام في عصره بصورة الهام. أو أعم من الغيبيات والاحكام والامور الشرعية التي تتنزل في ليلة القدر ، وهذا المعنى لا يتنافى مع القول بأنّ الله تعالى أكمل الدّين لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ولّمه لوصية الكريم عليّ بن أبي طالب عليهالسلام وهو علّمه بدوره للأوصياء من بعده ـ لانّه على تقدير وقوع هذا الامر ، فانّ نزولهم بالشرائع والاحكام للتأكيد والتّبين.
وتدلّ على ذلك جملة من الاخبار ، منها ما ورد في الكتاب الشّريف «اصول الكافي» عن محمّد بن مسلم قال : ذكر المحدّث عند أبي عبد الله الصّادق عليهالسلام فقال : إنّه يسمع الصوت ولا يرى الشخص.
فقلت له عليهالسلام : جعلت فداك ، كيف يعلم أنّه كلام الملك؟
قال الإمام عليهالسلام : «إنّه يعطي السّكينة والوقار حتى يعلم أنّه كلام ملك» (١).
والمأثور عن الإمام الصادق عليهالسلام أنه قال :
«إنّ علمنا غابر ، ومزبور ، ونكت في القلوب ، ونقر في الأسماع» ثمّ قال عليهالسلام : «أما الغابر ممّا تقدم من علمنا ، وأمّا المزبور فما يأتينا ، وأمّا النّكت في القلوب فإلهام ، وأمّا النّقر في الأسماع فأمر الملك» (٢).
(وَمَعْدِنَ الرَّحْمَةِ)
ومعدِن ـ بكسر الدّال ـ على وزن مجلس ، بمعنى محل ومكان ، والأئمّة عليهمالسلام معدن
__________________
(١) اصول الكافي : للشّيخ الكليني رحمه الله ، ج ١ ، ص ١٧١ ، بحار الانوار : للعلّامة المجلسي رحمه الله ، ج ٢٦ ، ص ٦٨.
(٢) اصول الكافي : للشّيخ الكليني رحمه الله ، ج ١ ، ص ٢٦٤ ، بحار الانوار : للعلّامة المجلسي رحمه الله ، ج ٢٦ ، ص ٦٠ ، عن بصائر الدرجات : ص ٩٤.