(رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إذ هَدَيْتَنَا)
أي لا تمل قلوبنا الى الباطل بعد ان هديتنا إلى الحق.
ذكر في تفسير هذه الآية الشريفة وجوهاً ، أحسنها ، أن هذا الدعاء لتثبيت الهداية والاستمرار بالالطاف التي معها الاستمرار بالايمان الحاصل كأنهم يقولون : ربّنا لا تفرق بيننا وبين نفوسنا ولا تمنع الطافك في حقّنا كي لا نميل الى الباطل ونضل عن الحقّ.
فان هذه الفقرة المباركة اشارة الى الميل الى الباطل الذي ظهر في الاُمّة بعد وفاة النّبي الاكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم روي سدير عن الإمام الباقر عليهالسلام : «كان الناس أهل ردّة (١) بعد النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إلّا ثلاثة :
فقلت : ومن الثلاثة؟
فقال عليهالسلام : «المقداد بن الاسود ، وأبو ذر الغفاري ، وسلمان الفارسي رحمه الله ، ثمّ عرف اُناس بعد يسير ، وقال : هؤلاء الذين دارت عليهم الرحاء ...» (٢).
وكذلك روي عنه عليهالسلام قال : «إرتد النّاس إلّا ثلاثة نفر سلمان وأبو ذر والمقداد».
قلت : فعمار.
قال الإمام عليهالسلام : «كان جاض جيضة ثمّ رجع» (٣).
__________________
(١) يعني ارتدوا بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بان تركوا الوصيّة وخالفوا الثّقلين في خلافة مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام. وهذا المعنى غير ما ذكر في التّاريخ عن حروب الردّة ، لأنها كانت مسألة سياسية طرحت من قبل خالقي السقيفة لقمع من يظن بهم أنّهم من الموالين لآل الرّسول الاعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وبها قتل ذلك الصّحابي الجليل مالك بن نويرة رحمه الله وعشيرته ، ودخل خالد بن الوليد الفاسق على إمرأته بعد مقتله مباشرة ، انظر الى تاريخ حروب الردّة بعين البصيرة وتأمل فيها جيداً.
(٢) تفسير نور الثقلين : ج ١ ، ص ٣٩٦ ، عن روضة الكافي : للشّيخ الكليني رحمه الله ، ص ٢٤٥ ، ح ٣٤١ ، تفسير الصافي : ج ١ ، ص ٣٥٩ ، تفسير العياشي : ج ١ ، ص ١٩٩ ، ح ١٤٨.
(٣) بحار الانوار : للعلّامة المجلسي رحمه الله ، ج ٢٢ ، ص ٤٤٠ ، عن رجال الكشي : ص ٨.