(فَبِحَقِّ مَنْ ائتَمَنَكُم عَلَى سِرِّهِ)
أي بحقّ الله الذي أئتمنكم على سرّه وجعلكم اُمناء ، والمراد من الأسرار العلوم الالهية والمعارف والمكاشفات الغيبية الحقائق الحقّانية.
(وَاسْتَرعَاكُم أمْرَ خَلقِهِ)
أي جعلكم أئمّة رعاة لأُمور الناس وجعل الخلق رعية لكم تحكمون فيهم كيف ما تشاؤون وتحفظونهم من تجاوز الاعداء وأقاويل الباطلة ، وتراعونهم من اضلال الضالين.
(وَقَرنَ طاعَتَكُم بِطاعَتِهِ)
وذلك في محكم الكتاب وجليل خطاب : (مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّـهَ) (١).
وقال عزّ اسمه : (أَطِيعُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ) (٢).
ومن المعلوم أنّ الله سبحانه لا يأمر المؤمنين وسيما العلماء الفضلاء الاتقياء والصلحاء باطاعة كل ذي أمر وحكم لأنّ فيهم الفساق والظلمة وفيهم من يأمر بمعاصي الله وينهي عن طاعته ، فيلزم أن يكون المراد باولي الأمر من أمر الله بطاعتهم من الائمّة المعصومين عليهمالسلام من الزّلل والضلال والمحفوظين من الخلل والاهواء الذين هم مثل النّبي الاكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم في المراتب الروحانية ، فمثل هؤلاء الاشخاص لا يكون منصوباً إلّا من الله العالم بالسّرائر المطلع عن الضمائر وليس ذلك متحققاً في غيرهم بالاتفاق سواء كانت نفوسهم ظلمانية أو نورانيّة.
__________________
الله فانّ الله يفعل به ما يشاء ، إنّ الله حبّنا أهل البيت ليحطّ الذّنوب عن العباد كما تحطّ الرّيح الشديدة الورق عن الشّجر» بحار الانوار : للعلّامة المجلسي رحمه الله ، ج ٢٧ ، ص ٧٧.
(١) النّساء : ٨٠.
(٢) النساء : ٥٩.