نفوسهم ، وراقبوا أنفسهم ، وراعوا آداب التعليم والتعلم ، أمّا من لم يتمكن من تطهير نفسه من الرّذائل ، وقد غرق في المعاصي والاثام وابتلى في أمور الدنيا بالتّكبر ، ولم يغسل قلبه من الادران الظّلمات السّوداء ، فأستولت على صفحاته الاُمور الاعتبارية ، فقد انحرف عن الاسرار الالهية المخزونة في صدور الأئمّة عليهمالسلام ، ورأيت في كلمات بعض الافاضل قال : من أراد أن يتعلم الحقائق من منبع الفيوضات الكاملة للعلماء وتكون له أرضية مستعدة لقبول ترشحات العلوم الحقيقية. فيجب عليه أن يراعي أموراً ثلاثة :
الاوّل : أن يُعلّم نفسه بالاجتناب عن الرّذائل ويظهّرها من الادران ، كما أن الفلّاح عندما يريد أن يزرع أيضاً ويلقي فيها بذراً يطهرها من الخبائث والآفات والنباتات الزّائدة ، لان الشيء الطّاهر ، والعلم النّافع لا يختار لنفسه مسكناً إلّا في أرض ومحل طاهرين ، وأن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب يعني أنّه اذا لم يطهر قلبه من الافات والمعاصي والصفات الرّذيلة لا يكون محلاً وموطناً للانوار الالهية ، ولا تشرق عليها شمس العلوم الحقّة ، ولا يكون صالحاً لالقاء بذر التوحيد والمعارف الرّبانية ، وهكذا اذا لم يطهر الإنسان زوايا قلبه من الكلاب والاهواء والنفس ووسواس الشّيطان فلا يكون محلاً لنزول الملائكة والالهامات الرّبانية.
الثّاني : يجب على المتعلم السعي الى ردع نفسه من الاشتغال بالامور الدّنيوية الفانية ، كي يتوفر له مجالاً أوسع في تحصيل العلوم الحقيقية ، قال الله تعالى : (مَّا جَعَلَ اللَّـهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ) (١) كي يستطيع أن يشتغل بالامور الدّنيوية وباحدهما ، ويسعى بالاخر الى تحصيل العلوم الاخروية!!.
عندما تتشتت أفكار الانسان في تحصيل الزخارف الدّنيوية ، فينقسم همّه
__________________
(١) الاحزاب : ٤.