كالجدول الذي يتفرق ماؤه في الجداول الاُخرى ، فتجذب الارض شيئاً من مائه ، ويجفّ قسم منه بسبب حرارة الجو ولا يبقى منه سوى شيء ضئيل غير نافع ، أمّا لو أجتمعت تلك المياه في جدول واحد ولم تتفرق فانها تصل إلى المزراع وترويها فتخضر وتثمر.
الثّالث : أن لا يتكبر المتعلم على معلمه ، بل يبقى دائماً خاضعاً له ولعلمه.
(وَمُنْتَهَى الحِلْمِ)
فإنهم عليهمالسلام منتهى غاية الحلم ، بل كمال الصبر وكظم الغيظ ، أو أنّهم محل العقل الكامل ، والمعنى الاول أقرب ، لأن الأئمّة الاطهار عليهمالسلام حازوا بهذه الصّفة أعلى مراتبها وأقصى درجاتها (١) ، إذا أردانا ذكر الاحداث المنقولة عنهم عليهمالسلام في الصبر والحلم بالنسبة الى جهال هذه الامّة أو بالنسبة الى من بيوتهم من الحشم والخدم ، ومعاملتهم مع أعدائهم والمعاندين لخرج هذا المختصر عن طوره ، ولكن نكتفي بذكر عدّة روايات في هذا الباب ، فقد روي إنّ شامياً رآى الامام الحسن المجتبى عليهالسلام راكباً فجعل يلعنه والامام الحسن المجتبى عليهالسلام لا يردّه ، فلمّا فرغ أقبل الامام فسلّم عليهالسلام عليه وصبره وضحك بوجهه فقال :
«أيّها الشّيخ أضنك غريباً ولعلك شبهت ، فلو إستعتبتنا أعتبناك ، ولو سألتنا أعطيناك ، ولو أسترشدتنا أرشدناك ، ولو أستحملتنا أحملناك ، وإن كنت جائعاً أشبعناك ، وإن كنت عرياناً كسوناك ، وإن كنت محتاجاً أغنيناك ، وإن كنت طريداً آويناك ، وإن كان لك حاجة قضيناها لك ، فلو حركت رحلك إلينا ، وكنت ضيفنا الى وقت إرتحالك كان أعود عليك ، لانّ لنا موضعاً رحباً وجاهاً عريضاً
__________________
(١) أنّ الأئمّة الاطهار عليهمالسلام منتهى طرفي الحلم في الاصول والفروع في الغيب والفروع في الشّهادة ، انظر الى الكتب التي تفسر معنى الحلم وتذكر تشعباتها المأة ، منها ، الرّشد وتشعباتها ، ومنها ، المداومة على الخير تشعباتها وو ...