وورد في تفسير الآية الشّريفة : (فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَىٰ طَعَامِهِ) (١). إن الانسان لابدّ أن يتأمل في الطعام الذي يتناوله من أين حصل عليه ، من حلال أم حرام ، طاهر أم نجس ، خبيث أو طيب؟
وجاء في رواية ، أن المراد من الطعام هو الطعام الرّوحي والمعنوي ، والعلوم النافعة والمعارف الحقّة التي يجب أخذها من أهلها ومن الذين أوتوا أسرارها (٢).
عن محمّد بن مسلم قال : سمعت الإمام محمّد الباقر عليهالسلام يقول : «كلُّ من دان الله عزّ وجلّ بعبادة يجهد فيها نفسه ولا إمام له من الله فسعيه غير مقبول وهو ضالٌّ متحيّر والله شانيء لأعماله ومثله كمثل شاة ضلت عن راعيها وقطيعها ، فهجمت ذاهبة وجائية يومها ، فلمّا جنّها الليل بصرت بقطيع غنم مع راعيها فحنّنت إليها وأغترّت بها فباتت معها في مربضها ، فلمّا أن ساق الرّاعي قطيعه أنكرت راعيها وقطيعها فهجّت متحيّرة تطلب راعيها وقطيعها فبصرت بغنم مع راعيها فحنّت إليها وأغترّت بها فصاح بها الرّاعي : إلحقي براعيك وقطيعك فأنت تائهة متحيّرة عن راعيك وقطيعك ، فهجّت ذعرة متحيّرة تائهة لا راعي لها يرشدها الى مرعاها أو يردّها ، فبينا هي كذلك إذا أغتنم الذئب ضيعتها فأكلها.
وكذلك والله يا محمّد من أصبح من هذه الاُمّة لا أمام له من الله عزّ وجلّ ظاهر عادل أصبح ضالاً تائهاً ، وإن مات على هذه الحالة مات ميتة كفر ونفاق ، وأعلم يا محمّد أن الأئمّة الجور وأتباعهم لمعزولون عن دين الله قد ضلوا وأضلوا فأعمالهم التي يعملونها كرماد أشتدّت به الرّيح في يوم عاصف لا
__________________
(١) عبس : ٢٤.
(٢) اُنظر الى تفسير الصّافي : للعلّامة الفيض الكاشاني رحمه الله ، ج ٥ ، ص ٢٨٧ في تفسير هذه الآية.