من الآثار والاخبار في بيان معنى التوحيد ، وبيان صفاته تعالى سواء كانت صفات الجلال أو الجمال ، الصفات الثبوتية والسلبية ، ووقد ورد في تفسير الفقرات الآنفة الذكر روايات تذكر في مضمونها أنّهم عليهمالسلام عرفوا الله عزّ وجلّ ووحّدوه قبل جميع الكائنات ، وقد أخذت الملائكة وسائر الخلائق منهم مراتب المعرفة والتسبيح والتقديس والتهليل ، وقالوا في مقام المعرفة : «كيف أعبد رباً لم اره».
وعن الحسين بن علي عليهالسلام قال : سُئل أمير المؤمنين عليهالسلام فقيل : هل رأيت ربَّك يا أمير المؤمنين؟
قال الإمام علي عليهالسلام : «وكيف أعبد من لم أره؟ لم تره العيون بمشاهدة العيان ولكن رأته القلوب بحقائق الايمان» (١).
فتراه القلوب بعين البصيرة ، وإلّا فإنّ الجسيمة والمخلوقية من لوازم الرؤية وسبحانه منزّه عن ذلك.
والمراد من الفقرة في دعاء عرفة لسيّد الشهداء عليهالسلام ، حينما يقول : «عميت عين لا تراك ، وخسرت صفقة عبد لم تجعل له من حبّك نصيباً» (٢). وهي رؤية القلب ومعرفته واشارة الى كمال مرتبة المعرفة ، وهذه الميزة لم تتوفر في غيرهم عليهمالسلام بالمعنى الحقيقي.
أو يكون المراد ان الأئمّة عليهمالسلام مظاهر أسماء الله الحسنى ، وصفاته العليا ، ومن عرف فيهم عليهمالسلام العلم والجود والكرم والقدرة والاحسان وغيرها من الصفات الحميدة فقد عرف الله سبحانه وتعالى ، ومن لم يعرفهم عليهمالسلام عجز عن معرفة الله تعالى أيضاً.
ولو أخذنا كلمة «محال» مفرداً كما جاءت في بعض الروايات بلفظ مفرد ، فهو
__________________
(١) نهج البلاغة : خطبة ، ١٧٩.
(٢) مفاتيح الجنان : دعاء العرفة.