(وَالمُسْتَقِرِّينَ فِي أمْرِ اللهِ)
المراد من هذه الفقرة الشريفة ، إمّا كمال الاستقامة والثبات في اجراء أمر الله عزّ وجلّ والعمل به ، وهي من أصعب الاُمور ، وذلك لان أمتثال أي أمر مرّة واحدة أو مرّتين يسهل على الإنسان ولكن الاستمرار والاستقامة والثّبات عليه دائماً وأبداً ممّا يعسر على الإنسان ويجلب له تعباً كبيراً. ولذا جاءت الآية الشريفة في مدحهم والتجليل من شأنهم :
(إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّـهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) (١).
وورد عن ابن عباس أنه ما نزلت على النّبي الاكرم آية كانت أشدّ من هذه الآية : (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ) (٢).
ولذلك قال رسول الله صلىاللهعليهوآله لاصحابه حين قالوا له : أسرع إليك الشّيب يا رسول الله : «شيبتْني هود والواقعة» (٣).
وأو يكون المراد استقرارهم عليهمالسلام في امر الخلافة ، لان الخلافة فوّض إليهم عليهمالسلام من قبل الله تعالى بعد رسوله صلىاللهعليهوآله ، وأثبتهم رسول الله صلىاللهعليهوآله في مقام الخلافة ، فاذاً فالأئمّة عليهمالسلام هم الذين استقروا في مقام الخلافة من جانب الله سبحانه ورسوله الكريم صلىاللهعليهوآله ، بل أن محلهم عليهمالسلام من الخلافة محل القطب من الحى ، فيجب على جميع النّاس ان يبذلوا لهم السمع والطاعة ، فهم أعلى مرتبة ومقام وشأن من الآخرين ، بل إن سيل العلوم والاوامر تنحدر من مقامهم الشامخ الى سائر النّاس ولا يستطيع أحد من الناس أن يرقى الى مقامهم السّامي.
__________________
الطّبرسي رحمه الله ، ج ٢ ، ص ٢٢٧.
(١) الاحقاف : ١٣.
(٢) هود : ١١١.
(٣) تفسير مجمع البيان : للعلّامة الطّبرسي رحمه الله ، ج ٣ ، ص ١٩٩ ، تفسير الصّافي : للشّيخ الفيض الكاشاني رحمه الله ، ج ٢ ، ص ٤٧٥.