ج ـ في المحادثات والظرائف :
ـ قال الصابئ : حدث القاضي أبو الحسن ابن السبتي : حضرت يوما مجلسا فيه أبو يعلى بن كيكس ، كاتب منيع بن حسان الخفاجي ووزيره في سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة ، بالجامعين (١٩٤) ، وقد حضر هناك ، رؤساء البلاد من سقى الفرات ، للسلام على منيع بن حسان وأبي يعلى بن كيكس ، وكانا وردا من الشام ، وحضر ـ في جملة الأشراف الطالبيين ، من الكوفة ـ الزكي أبو علي ، عمر بن محمد بن السايس ، والزكي الآمر الناهي في الإقامات وترتيب الأمور ، وبين يديه غلام يدعى ب «أبي يعلى بن عرس» فأخذ الزكي يقول له : ويلك يا أبا يعلى ، افعل كذا ، وامض في كذا ، وينتهره ويستخف به استعجالا له ، وحثا فيما يستنهضه فيه ويستبطئه ، ويقول : يا أبا يعلى ، يا فاعل ، يا صانع.
فلما طال ذاك على أبي يعلى بن كيكس ، لأجل موافقة كنيته بكنيته ، قال له : أيها الشريف ، سأستخدم اليوم غلاما كنيته «أبو علي» ، واستخف به بحضرتك ، مجازاة لك عن هذا الفعل منك.
فاسترجع الزكي ، واستيقظ ، وقال : الله الله ، يا سيدنا ، فوالله ما كان عن قصد مني ، بل بنسية حضرتني.
فضحكت الجماعة منه.
ثم قال أبو يعلى : كان بخوزستان أمير من أمراء الديلم يخضب لحيته ، فحضر في مجلس فيه رجل من أصحاب الملك (أبي) كاليجار ، وللرجل غلام خضيب ، وكان يأمره وينهاه ، ويقول له : «يا خرمنحى (١٩٥) ، يا فاعل ، ويا صانع ،
__________________
(١٩٤) كذا في المصدر ، وأظن أن المراد بها مدينة «الحلة» والغريب أن المحقق لم يورد اللفظة في فهرس البلدان والمواضع.
(١٩٥) علق المحقق للمصدر على هذه الكلمة : «كذا ، ولم نهتد إلى تصويبها» أقول : أظن أنها مصحفة عن «خرمحنى» أي حمار مخضب بالحناء ، فلاحظ.