فهذا «هاشم بن الحكم» الذي التزم بهدي أهل البيت عليهمالسلام وهو «شاب» (٦) «أول ما اختطت لحيته» (٧) و «غلام ، أول ما اختط عارضاه» (٨) ، فتمسك بالحق الذي هم عليه ، واستضاء بنور علومهم ، وكان من أنصار الإسلام ، وحمل مشعل الحق في ذلك العصر المظلم ، المدلهم ، الموبوء بالتيارات الإلحادية ، والآراء المستجدة على ساحة الفكر والعقيدة ، فكان ـ لما يتمتع به من نبوغ فائق ، وعقلية مقتدرة ـ نبراسا منيرا ، يتهافت حواليه شغب المشككين في الإسلام القويم ، وتندحر به شبه المنحرفين عن صراط أهل البيت عليهمالسلام المستقيم.
ولعظمة هشام ، وسمو مقامه في الحق ، وعمق أثره في دحر الباطل ، وقف أعداء أهل البيت منه موقفا عدائيا صارخا ، وسعوا لتشويه سمعته ، وإبعاده عن الساحة ، وإفقاد جبهة الحق لمثل هذا العنصر النصير ، لما له من دور في الذب عن حياضه ، ورد كيد المبطلين إلى نحورهم ، لما يتمتع به من قوة على المناظرة وتفنيد شبهات المنحرفين ، والاعتراض على باطلهم بما يعجزون عن مقاومته ، ويوقفهم على صراح الحق بحيث يكلون عن تجاوزه وتخطيه.
ولقد أفرطوا في كيل التهم ، بأشكال مختلفة ، وفي مجالات عديدة ، لهذا الرجل
وركزوا ـ بالخصوص ـ على اتهامه في «التوحيد» باعتقاد التجسيم للبارئ تعالى شأنه ، فصوروا منه «رأسا» في هذا المعتقد الباطل ، ونسبوا إليه خرافات تأباها عقول المبتدئين في العلم ، فضلا عن مثل هشام الذي «كان حاذقا في صناعة الكلام» و «فتق الكلام في الإمامة ، وهذب المذهب بالنظر» (٩) و «له غور في الأصول»
__________________
(٦) الإحتجاج على أهل اللجاج : ٣٦٧ وانظر : اختيار معرفة الرجال : ٢٧١.
(٧) الإحتجاج على أهل اللجاج : ٣٦٥.
(٨) الفصول المختارة : ٢٨ ، وانظر : معالم العلماء ـ لابن شهرآشوب ـ : ١٢٨.
(٩) الفهرست ـ للنديم ـ : ٢٢٣.