ومن ذلك : ما روي عن أمير المؤمنين عليهالسلام من قوله : «ما نزل القرآن إلا بالمسح» (٦٤) ولا يجوز أن يكون أراد بذلك إلا مسح الرجلين ، لأن مسح الرؤوس لا خلاف فيه.
ومنه : قول ابن عباس رحمة الله عليه. نزل القرآن بغسلين ومسحين (٦٥).
ومن ذلك : إجماع آل محمد عليهمالسلام على مسح الرجلين درن غسلهما (٦٦) ، وهم الأئمة والقدوة في الدين ، لا يفارقون كتاب الله عزوجل إلى يوم القيامة ، وفيما أوردناه كفاية ، والحمد لله.
سؤال : فإن قال قائل : فلم ذهبتم في مسح الرأس والرجلين إلى التبعيض؟
جواب : قيل له : لما دل عليه من ذلك كتاب الله سبحانه ، وسنة نبيه صلى الله عليه وآله :
أما دليل مسح بعض الرأس فقول الله تعالى : (وامسحوا برءوسكم) (٦٧) فأدخل الباء التي هي علامة التبعيض ، وهي التي تدخل على (٦٨) الكلام مع استغنائه في إفادة المعنى عنها ، فتكون زائدة ، لأنه لو قال : وامسحوا رؤوسكم ، لكان الكلام صحيحا ، ووجب مسح جميع الرأس ، فلما دخلت الباء التي لم يفتقر الفعل في تعديه إليها ، أفادت التبعيض.
وأما دليل مسح بعض الأرجل : فعطفها على الرؤوس ، والمعطوف يجب أن
__________________
(٦٤) التهذيب ١ : ٦٣ / ١٧٥ ، والحديث عينه مروي عن أنس والشعبي.
أنظر : الدر المنثور ٢ : ٢٦٢.
(٦٥) أنظر : الدر المنثور ٢ : ٢٦٢ ، تفسير الطبري ٦ : ٨٢ ، تفسير القرآن العظيم ـ لابن كثير ـ ٢ : ٢٧ ، التهذيب ١ : ٦٣ / ١٧٦.
(٦٦) أنظر : تفسير النيسابوري بهامش الطبري ٦ : ٧٣ ، تفسير القرآن العظيم ـ لابن كثير ـ ٢ : ٢٥ ، نيل الأوطار ١ : ١٩٣. سنن أبي داود ١ : ٤٢ / ١٦٤ ، التفسير الكبير ـ للفخر الرازي ـ ١١ : ١٦١.
وانظر : التهذيب ١ : ٦٥ / ١٨٤ ، الإستبصار ١ : ٦٤ / ١٩١ ، الكافي ٣ : ٢٤ / ١.
(٦٧) سورة المائدة ٥ : ٦.
(٦٨) في الأصل : في.