وأما الفرد أو الجماعة الذين يصح منهم الاصطلاح والتواضع الخاص ، فهم في عبارة القاضي الأولى «أهل اللغة» وليس المراد بهم علماء اللغة ، اللغويون الذين تخصصوا بمعرفتهم بها بالدراسة والبحث كعلم من العلوم ، بل المراد بهم أهل اللسان الذين نشأوا عليها ونطقوا بها كلغة لهم ، ومنهم انطلقت مفرداتها ، وأخذت تراكيبها ، وتألفت قواميسها ، فقد كان لهؤلاء الحق في أن يضعوا ـ من البداية ـ لكل معنى لفظا يدل عليه ، ينتخبونه على حسب سلائقهم وما يقارن الوضع من الأمور باعتبار أنهم آباء اللغة وأولياؤها ، ولو كانوا يضعون الأسماء على غير ما يعرف اليوم لها من المعاني ، لما كان ممتنعا.
أما بعد ما حصل من التواضع ، وما تم إثباته في متن اللغة ، فليس لأحد من المتخصصين بعلم اللغة تغييره عما وضع عليه ، وتبديله عما ثبت سماعه منهم أو قياسه عنهم.
وعبارة القاضي الثانية : تنظر إلى أهل الاختصاص بالعلوم ، ولم يذكر الخصوصيات المشترط توفرها في القائم بوضع الاصطلاح الخاص.
والذي أراه أن ذلك مشروط بأمرين :
الأول : أن لا يكون التواضع الجديد على نقيض المعنى اللغوي ، ولا معارضا له بالتباين.
فلو اشتركا في بعض الأفراد ، أو ارتبطا بعلقة مجازية ، صح التواضع على غير المعنى اللغوي ، ومن هنا يعلم : أن كون القائم بالوضع الجديد عارفا بلغة التواضع ، ليحقق هذا الشرط ، هو أمر أساسي ، كما لا يخفى.
الثاني. أن يكون التواضع الجديد مبتنيا على دليل منطقي ، قابل للتصور ، بأن لا يكون منافيا لضرورة العقل ، أو قضية وجدانية.
قال الشيخ محمد عبده ـ في توقيفية أسماء الله ـ : الألفاظ) التي لا تفهم إلا الكمال ، ولا تشوب ظاهرها شائبة النقص ، فيجوز إطلاقها على الله تعالى ، بلا حرج.
وأضاف : ولكل قوم أن يصطلحوا في ذلك على ما شاءوا ، كيف؟ ولنا أن