٣ ـ أصل هذه المقولة.
إن هذه المقولة تبتني أساسا على القول بأن البارئ تعالى «شئ» وهشام زعم أن إثبات «الشئ» أن يقال : «جسم».
وعلى ذلك تكون مقولة «جسم لا كالأجسام» مأخوذة من «شئ لا كالأشياء» وبمعناها.
وأقدم نص شيعي احتوى على المقولة نقلا عن هشام تضمن التسوية بينهما : عن عبد الملك بن هشام الحناط : قلت لأبي الحسن الرضا عليهالسلام : زعم هشام بن الحكم : أن الله «شئ لا كالأشياء» وأنها بائنة عنه ، وهو بائن من الأشياء ، وزعم أن إثبات «الشئ» أن يقال : «جسم» فهو «جسم لا كالأجسام» : «شئ لا كالأشياء» ثابت موجود (٦٥).
وكذلك ابن أبي الحديد فرض إطلاق هذه المقولة : «جسم لا كالأجسام» لمعنى أنه «شئ لا كالأشياء» (٦٦).
ومن قال بالتساوي بين «شئ» و «جسم» وأجاز إطلاق «شئ» على البارئ تعالى ، يقول : إنه تعالى «شئ لا كالأشياء» فلا بد أن يقول بمقولة «جسم لا كالأجسام» من جهة المعنى ، وإن تعبد بالتوقيف فهو ممنوع من جهته لا من جهة المعنى ، وذلك أمر آخر.
أما إطلاق اسم «الشئ» على البارئ تعالى فقد عنون المتكلمون له ، واختلفوا فيه على مقالتين :
فقال جهم ، وبعض الزيدية : إن البارئ تعالى لا يقال له «شئ» لأن الشئ هو المخلوق الذي له مثل (٦٧).
__________________
(٦٥) اختيار معرفة الرجال : ٢٨٤ رقم ٥٠٣.
(٦٦) شرح نهج البلاغة ٣ / ٢٢٨.
(٦٧) مقالات الإسلاميين ١ / ٢٣٨.