أما عن احتجاجه بالآية الأولى :
فجوابه : أن ذلك الخطاب لا يشمل المتكلم به وهو الله تعالى شأنه ، لأن مادة «الخلق» الواردة فيه تقتضي انصراف مؤداه إلى ما سواه جل ذكره ، وهذا كما لو قال أحد : «من لبس ردائي عاقبته» حيث أنه لا يشمل المتكلم نفسه ، لفرض أن الرداء هو له ، والغرض من إيراد هذا القول منع الأغيار من التصرف في الرداء.
فكذلك الآية الكريمة إنما سيقت للدلالة على قدرة الله على ما سواه ، واستيلائه على كل شئ مما عداه ، لأنه خالق كل شئ ، فهي منصرفة عنه هو جل جلاله
ويدل على هذا المعنى ، ما روي عن الإمام أبي جعفر محمد الباقر ، والإمام أبي عبد الله جعفر الصادق عليهماالسلام ، قالا : كل ما وقع عليه اسم «شئ» ـ ما خلا الله عزوجل ـ فهو مخلوق ، و (الله خالق كل شئ) تبارك الذي (ليس كمثله شئ) (٦٩).
والجواب عن احتجاجه بالآية الثانية :
إن زيادة الحروف ليس من باب الخطأ ، ولا فساد فيه ، بل «إنما زيدت لتوكيد نفي المثل ، لأن زيادة الحرف بمنزلة إعادة الجملة ثانيا ، قاله ابن جني» (٧٠).
. فالزيادة أسلوب عربي ، يؤدي دورا بلاغيا رائعا هو الأليق بكلامه تعالى.
وأما الجواب عن احتجاجه الذي سماه معقولا ، فمن وجهين :
الأول : أن المراد بالتسمية ، ليس هو تعيين الاسم الخاص عليه تعالى ، بل المراد إطلاق اللفظ عليه ، وكذا يختلف عن الأسماء الحسنى ، فلا يسري حكمها عليه ،
__________________
(٦٩) (التوحيد ـ للصدوق ـ. ١٠٥ ـ ١٠٦ ، ب ٧. ح ٣ و ٤ و ٥.
(٧٠) مغني اللبيب ـ لابن هشام ـ : ٢٣٨.