٣ ـ إن المفيد نسب إليه مقولة «جسم لا كالأجسام».
ثم يؤكد على أن هشاما كان جهميا ديصانيا ، ويصل إلى هذه النتيجة : وعلى ذلك ، يمكننا أن نقول : إن هشاما كان يذهب إلى أن الله تعالى ، «جسم لا كالأجسام» وذلك قبل أن يدين بمذهب الصادق. ولكنه بعد ذلك رجع.
واعتبر رأيه هذا جمعا بين الناسبين التجسيم إليه ، وبين النافين لتلك النسبة عنه ، ويقول : فكلا الفريقين ، المتشيع عليه ، والمتشيع له ، قد يكون على صواب (١٦٨).
وواضح أن شيئا من أدلته تلك لا تثبت مدعاه ، ولا يصح ترتيب هذه النتيجة الخاطئة عليه :
فالحكايات المستفيضة : تنحل إلى أكثرية اختلقتها أهواء خصوم هشام ، واصطنعتها أغراضهم ، وصاغتها أحقادهم ، فلا قيمة إثباتية لها على التحقيق ، ولا تقاوم الجدل والبحث العلمي.
وتنقسم إلى مجموعة أخرى معرضة للاحتمالات والترديدات ، والتفسيرات المبعدة لها عن إثبات ما يريده المؤلف.
فهل يسمى مثل هذا استفاضة؟! وهل تكون مثل هذه الاستفاضة حجة على شئ؟!
نعم ، هي بمجموعها تدل على ثبوت قضية في حق هشام ، بنحو المعلوم الإجمالي ، لكن جزئيات هذه القضية ومفرداتها غير واضحة من خلال تلك الحكايات المستفيضة ، والقدر الثابت الصحة منها هو أن هشاما أطلق تلك المقولة : «جسم لا كالأجسام» على البارئ جل وعلا ، وقد عرفت أنها ـ في مصطلح هشام ـ لا تدل إلا على التنزيه المحض والتوحيد الكامل.
وأما الروايات التي نقلها الصدوق ، فلا دلالة في شئ منها على التزام هشام بالتجسيم المادي لله تعالى شأنه ، وإنما احتوى قسم منها على أن له قولا في «الجسم» ،
__________________
(١٦٨) هشام بن الحكم ١٢٣.