جسيم ، لا طويل ولا عريض ، نور من الأنوار. (١٧٨).
وقال ابن أبي الحديد : وأصحابه من الشيعة يدفعون ـ اليوم ـ هذه الحكايات عنه ، ويزعمون أنه لم يزد على قوله : «جسم لا كالأجسام» وأنه إنما أراد بإطلاقه هذه اللفظة عليه «إثباته» وصدقوا عنه أنه كان يطلق عليه كونه «نورا» لقول الله سبحانه : «الله نور السماوات والأرض ، مثل نوره ...» سورة النور (٢٤) الآية (٣٥)] (١٧٩).
وهذا بمجرده ، لا يقتضي أن تكون هناك ـ عند هشام خاصة ـ فكرة النور ، ولا أن تكون هذه الفكرة من تراث الشيعة ، دون باقي المسلمين!!
فالفكرة ـ إن صح التعبير ـ موجودة في الآية القرآنية ، و «النور» أطلق على البارئ تعالى بنص القرآن ، وأهل السنة وأصحاب الحديث يلتزمون بإطلاق «النور» عليه تعالى استنادا إلى نفس الآية (١٨٠) وكذلك بعض كبار المعتزلة (١٨١).
فمن أين أصبحت هذه الفكرة شيعية خاصة؟!
ثم من أين جاء الكاتب بدعوى أن هشاما استغل هذه الفكرة في سبيل نظريته في التجسيم؟!
وإذا جاء شئ في حق الحلاج والشلمغاني وأمثالهما ، فهل يحق لأحد أن ينسبه إلى كل الشيعة؟!
أهكذا يكون البحث العلمي الموثق ، المستند؟!
نعم ، إن ابن أبي الحديد نسب إلى هشام بن سالم ـ وليس ابن الحكم ـ القول بأن الله «نور» على صورة الإنسان ، مع أنه أنكر أن يكون «جسما» (١٨٢).
__________________
(١٧٨) الحور العين : ١٤٨.
(١٧٩) شرح نهج البلاغة ٣ / ٢٢٤.
(١٨٠) مقالات الإسلاميين ١ / ٢٦٠.
(١٨١) مقالات الإسلاميين ٢ / ١٩٢.
(١٨٢) شرح نهج البلاغة ٣ / ٢٢٤.