عمدوا إلى أعمدته وقواعده ، وهم رجاله ومناصروه ، فخاضوا فيهم قتلا وإبادة ، حتى استنفدوا أساليب الغيلة والغدر فأعجزتهم عن إخضاع أولئك الأساطين ، فلجأوا إلى أسلوب بث الدعاية ، وكيل التهم ، لتشويه سمعة أبطال الإسلام وصناديده ، وهدفهم أن يجعلوا الإسلام غريبا لا ناصر له.
فملأوا الدنيا بما لاكته ألسنة السوء من الباطل ، وما لفظته أبواق الزور من البهتان الزائل.
وقد فشلوا أمام وعد الله ببقاء جذوة الحق وقادة ، حيث قال : (يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون) [سورة التوبة (٩) الآية (٣٢) وقال : (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) [سورة الحجر (١٥) الآية (٩)].
ولما يئسوا من أن يصيبوا الحق وأعلامه بسوء ، انكفأوا على الباطل ، وانضووا إلى المنافقين بتكديس المدائح المفتعلة لهم ، ووضع الفضائل واختلاقها فيهم ، وترويج باطلهم ، وتحسين قبائحهم ، والستر على فضائحهم ، والتطبيل لهم ، والتزمير للغطهم ، سعيا في ضرب الحق ، وإخفاء شعاعه ، وإظهار الباطل ، ودجله ، وخداعه.
أخرج ابن الجوزي ، عن طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال. سألت أبي : ما تقول في علي ومعاوية؟
فأطرق ، ثم قال : إعلم أن عليا كان كثير الأعداء ، ففتش أعداؤه له عيبا فلم يجدوا ، فعمدوا إلى رجل حاربه فأطروه ، كيدا منهم لعلي.
فأشار بذلك إلى ما اختلقوه لمعاوية من الفضائل مما لا أصل له (١).
وقال ابن قتيبة : أهملوا من ذكره [يعني الإمام عليا عليهالسلام] أو روى حديثا من فضائله ، حتى تحامى كثير من المحدثين أن يتحدثوا بها ، وعنوا بجمع فضائل
__________________
(١) ذكر ابن حجر في فتح الباري ٧ / ٨٣. وذكره الهيتمي في الصواعق المحرقة : ٧٦ قال. أخرج السلفي في «الطيوريات».