المسيرة امنين مطمئنين حتي الغاية القصوى ، فيوردهم بذالك النمير الصافي الروي الفضفاض الغزير المتطامن الذي تطفح ضفتاه فتبعد القذى والشوائب ، فيعود مصدراً نقياً ، ومورداً عذباً ، لا رنق فيه ولا غصة ، فيصدر المسلمون بطاناً ، وتفتح لهم السماء بركاتها.
٥ ـ وعطفت الزهراء باستظهار الخصائص النفسية ، والطبيعة السلوكية للامام علي ، فهو ينصح للمسلمين في السر والعلن ، وهو يواسيهم في المكاره والمحن ، فلا يحتجن لنفسه مالاً ، ولا يحتجز دونهم طائلاً ، زاهداً لا يحظى من الدينا بنائل ، إلا ما يفتات به لتقويم أوده ، وإقامة صلبه ، فعيشه الكفاف ، وحياته القناعة ، وبذلك يتميز عن الراغبين في الحكم لذاته ، والحائدين عن الصدق في إدارة دفة الحكم.
٦ ـ انحت الزهراء باللائمة على قريش في ابتزازها أمر الخلافة دون الالتجاء الي ركن وثيق ، أو التعلق بحبل متين ، فلا سناد ولا عماد سوى الاثرة والاستئثار فاقد موا على ال الرسول واحتنكوا ضدهم ظالمين لهم ، وهم بذلك يستبدلون الذنابى بالقوادم ، والعجز بالكاهل ، فرغماً لمعاطسهم إذ يحسبون أنهم يحسنون صنعاً إلا أنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون ، فالحق احق ان يتبعّ.
٧ ـ ولخصت الزهراء عليهاالسلام ما ينتظر للامة من الفتن ، وسفك الدماء ، واستيلاء الفوضى ، فلا الحقوق مصونة ، ولا الحرمات بذمة ، ولا الاحكام عادلة ، وانما هو السيف الصارم ، والسطوة للمعتدي الغاشم ، والهرج الدائم المستمر ، واستبداد الظالمين ، فالفيء زهيد ، والجمع حصيد ، حيث لا تنفع الحسرة ، وقد عميت عليهم من كل الجهات.
وكان لهذه الخطبة على وجازتها اثر أي في استنجاد الهمم ،