الألف من إله بقي له ، وله كل شئ ، فإن أخذ من له اللام بقي هو ، وهو هو وحده لا شريك ، له ، وهو لفظ يوصل إلى ينبوع العزة ، ولفظ هو مركب من حرفين ، والهاء أصل الواو ، فهو حرف واحد يدل على الواحد الحق ، والهاء أول المخارج والواو آخرها ، فهو الأول والآخر والظاهر والباطن (٢٢).
ولما كان الاسم المقدس الأقدس أرفع أسماء الله تعالى شأنا وأعلاها مكانا ، وكان لكما لها جمالا ولجمالها كمالا ، خرجنا فيه بالإسهاب عن مناسبة الكتاب ، والله الموفق للصواب.
الرحمن الرحيم :
قال الشهيد رحمهالله : هما اسمان للمبالغة من رحم ، كغضبان من غضب وعليم من علم ، والرحمة لغة : رقة القلب وانعطاف يقتضي التفضل والإحسان ، ومنه : الرحم ، لانعطافها على ما فيها ، وأسماء الله تعالى إنما تؤخذ باعتبار الغايات التي هي أفعال دون المبادئ التي هي انفعال (٢٣) (٢٤).
وقال صاحب العدة : الرحمن الرحيم مشتقان من الرحمة وهي النعمة ،
__________________
(٢٢) مشارق الأنوار : ٣٢ ـ ٣٣ ، وفيه :» .. والقرآن له ظاهر وباطن ، ومعانيه منحصرة في أربع أقسام ، وهي أربع أحرف وعنها ظهر باقي الكلام ، وهي (الله) ، والألف واللام منه آلة التعريف ، فإذا وضعت على الأشياء عرفتها أنها منه وله ، وإذا أخذ منه الألف بقي لله ولله كل شئ ، وإذا أخذ منه (ل) بقي إله ، وهو إله كل شئ ، وإذا أخذ منه الألف واللام بقي له ، وله كل شئ ، وإذا أخذ الألف واللامان بقي هو ، وهو هو وحده لا شريك له. والعارفون يشهدون من الألف ويهيمنون من اللام ويصلون من الهاء. والألف من هذا الاسم إشارة إلى الهوية التي لا شئ قبلها ولا بعدها وله الروح ، واللام وسطا وهو إشارة إلى أن الخلق منه وبه وإليه وعنه ، وله العقل وهو الأول والآخر ، وذلك لأن الألف صورة واحدة في الخط وفي الهجاء ...».
(٢٣) القواعد والفوائد ٢ : ١٦٦ ـ ١٦٧.
(٣٤) في هامش (ر) : «وقال السيد المرتضى : ليست الرحمة عبارة عن رقة القلب والشفقة ، وإنما هي عبارة عن الفضل والإنعام وضروب الاحسان ، فعلى هذا يكون إطلاق لفظ الرحمة عليه تعالى حقيقة وعلى الأول مجاز. منه رحمهالله تعالى».