ومكانية ، وماله من أثر عقائدي وتاريخي ، وبعد اجتماعي سياسي ، في مصير الدولة الإسلامية ومستقبلها ، في الفترة التي أعقبت عصر الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله وسلم.
فهو آخر اجتماع عظيم ضم الرسول وأمته ، في وداع أخير بعد العودة من حجة الوداع ، ولا بد أن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، يستغل هذه الفرصة النادرة ، ليبث فيه إلى الأمة أعمق شجونه ، وأحزان قلبه ، وتطلعاته ، ويؤكد لهم على آخر وصاياه ورغباته ، من إرشادات هامة ، على صعيدي الدنيا والآخرة ، ومن الخلافة من بعده ، والولاية على الأمة.
وكان أعظم مجمع على الأرض في الإسلام ، حيث كان مفترق قوافل الحجاج العائدين من آخر حجة ، مع آخر رسول ، في رجوعهم من حجة الوداع ، حيث اجتمع أكبر عدد من المسلمين المتشوقين لمسايرة ركب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لينالوا من فيض صحبته المباركة في تعظيم شعائر الله في ذلك المنسك التاريخي.
فلا شايعوا النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في طريق العودة خارجا من مكة إلى المدينة ، جمعهم على مفترق الطرق ، قبل أن تشتتهم الطرق ، وخطب في جمعهم الحاشد ، مبلغا ما أنزل إليه من ربه ذلك البلاغ الإلهي ، الذي لو لم يفعله لم يكن مبلغا لشئ من الرسالة الإسلامية ، على عظمتها ، وأبعادها ، وأتعابها ، ومشاقها ، ومآسيها ، وأهدافها ، وأتراحها ، وأفراحها. فذلك البلاغ ـ إذن ـ هو البيان الختامي ، للرسالة الإسلامية التي صدع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بأدائها ، فهو جامع لأهم ما في تلك الرسالة من مقومات الوجود والاستمرار
ذلك هو بلاغ ولاية الأمير ، يوم الغدير ، في زمانه ومكانه ومحتواه. ولم يكن الغدير مناسبة مؤقتة محدودة ، ولا شعلة مؤججة تؤول إلى الخمود ، ولا شمسا بازغة تصير إلى الأفول ، ولا برقا يتألق ثم ينطفئ فيعقبه ظلام دامس.
كلا ، بل (الغدير) منطلق لأمواج ، النور على حياة البشرية ، امتدادا للفجر الإسلامي ، الذي ليس له ضحى ، ولا ظهر ، ولا عصر ، ولا ليل.