ويرفعون أصواتهم فوق صوته ، يجهرون له بالقول أكثر من جهر بعضهم لبعض ، ويعصون أوامره ، كل ذلك رغبة في الدنيا ، وزهدا في الآخرة ، وطلبا لحظ الشيطان ، وعزوفا عن الكرامة الإلهية ، ورضى الرحمان.
٨ ـ وعلى هذه فقس ما سواها :
وإذا كان هؤلاء لا يتورعون عن معاملة نبيهم بهذا الأسلوب الوقح والقبيح ، فهل تراهم يوقرون من هو دونه ، في ظروف وحالات لا تصل إلى حالاتهم معه صلى الله عليه وآله وسلم ، ولا تدانيها؟! ..
وماذا عسى أن يكون موقفهم ممن طفحت قلوبهم بالحقد عليه ، ولهم قبله ترات وثارات من قتلهم على الشرك من أسلافهم ، كعلي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه.
وهكذا .. فإنه يكون صلىاللهعليهوآلهوسلم قد أفقدهم ، وأفقد مؤيديهم كل حجة ، وحجب عنهم كل عذر ، سوى البغي والاصرار على الباطل ، والجحود للحق : فقد ظهر ما كان خفيا ، وأسفر الصبح لذي عينين ، ولم يعد يمكن الإحالة ، على المجهول ، بدعوى : أنه يمكن أن يكون قد ظهر لهم ما خفي علينا.
أو أنهم ـ وهم الأتقياء الأبرار ـ لا يمكن أن يخالفوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ولا أن يبطلوا تدبيره ، ويخونوا عهده ، وهو لما يدفن.
أو أنه إذا كان الخونة أفرادا معدودين : فهل يعقل صدور الخيانة من أكثر الصحابة؟! أو سكوتهم عليها؟!
وما إلى ذلك من أساليب يمارسونها لخداع السذج والبسطاء ومن لا علم لهم بواقع أولئك الناس ، ولا بمواقفهم.
فإن كل هذه الدعاوي قد سقطت ، وجميع تلكم الأعذار قد ظهر زيفها وبطلانها ، فمن شاء فليؤمن ، ومن شاء فليكفر.