فأنزل الله عزوجل (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) [المائدة / ٣].
قال أبو جعفر عليهالسلام : «يقول الله عزوجل : لا أنزل عليكم بعد هذه فريضة ، قد أكملت لكم دينكم» (٣).
والأمر الواضح للعيان عند التأمل في مجمل الروايات الواردة في نقل حادثة الغدير أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم تردد في إبلاغ ذلك الأمر خشية من إعراض من بعرض عنه ، لأمور لا تخفى ، مبعثها الحسد والجهل وبغض علي ، ذاك الذي أسموه بقتال العرب ، فلذا تردد الأمر أكثر من مرة ، هبط به جبرئيل عليهالسلام حتى جاء الأمر الأخير (... وإن لم تفعل فما بلغت رسالته ...) فأخذ على نفسه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن لا يبرح المكان ـ وكان في الجحفة ـ حتى يبلغ الأمر فنادى. الصلاة جامعة ـ وكان يوما شديد الحر ـ فاجتمع الناس ، وأمر بدوحات فقم ما تحتهن من الشوك (٤) ، ثم خطب خطبة مبسوطة ، وأقام عليا أمام نواظر الحاضرين ، وأمر الناس بمبايعته بأمر الله تعالى .. والخطبة تجدها في العديد من كتب الحديث وغيرها ، وتذكرها كما رويت مختصرة وبإسناد صحيح جدا ، ثم تذكر مقاطع من الخطبة المبسوطة تباعا.
روى الشيخ الصدوق ـ قدسسره ـ في «الخصال» بعدة أسانيد صحاح إلى ابن أبي عمير ، عن عبد الله بن سنان ، عن معروف بن خربوذ ، عن أبي الطفيل عامر ابن واثلة ، عن حذيفة بن أسيد الغفاري ، قال : لما رجع رسول الله صلىاللهعليهوآله وسلم من حجة الوداع ونحن معه ، أمر أصحابه بالنزول ، فنزل القوم منازلهم ، ثم نودي بالصلاة ، فصلى بأصحابه ركعتين ، ثم أقبل بوجهه إليهم فقال لهم : إنه قد نبأني اللطيف الخبير أني ميت وأنكم ميتون ، وكأني قد دعيت فأجبت ، وإني مسؤول عما أرسلت به إليكم ، وعما خلفت فيكم من كتاب الله وحجته ، وإنكم مسؤولون عما أرسلت به إليكم
__________________
(٣) الكافي ١ : ٢٨٩ ، وانظر : تفسير العياشي ١ : ٢٩٢ / ٢٠ و ٢٩٣ / ٢١ ـ ٢٢ ، وعنه البحار ٣٧ : ١٣٨ / ٢٧ ـ ٢٩.
(٤) أنظر : تفسير فرات : ٤٠ ، العياشي ١ : ٣٢٩ / ١٤٣ ، وعنهما البحار ٣٧ : ١٧١ / ٥٢ و ١٣٨ / ٣٠.