فصوبه النبي عليه وعلى آله السلام في هذا المقال ، وقال له : «لا تزال ـ يا حسان ـ مؤيدا ما نصرتنا بلسانك» (٥٠).
فيكف سمعت الناصبة تلك الأبيات التي رويت لها من قول حسان ولم تسمع عنه هذه الأبيات التي قد سارت بها الركبان؟!
بل كيف تثبت لها بما ذكرته من شعره أن أبا بكر سبق الناس إلى الإسلام ، ولم يثبت بما ذكرناه من شعره أيضا أن أمير المؤمنين لجميع الناس إمام؟! وكيف احتجت ببعض قوله وصدقته فيه ولم تر الاحتجاج بالبعض الآخر وكذبته فيه؟!
أوليس إذا قالت : إنه كذب فيما قاله في علي عليهالسلام في هذه الأبيات.
أمكن أن يقال لها : بل كذب فيما حكيتموه عنه من تلك الأبيات؟!
وإن قالت : إن حسان شاعر النبي عليهالسلام ولسنا نكذبه ، لكن نقول : إنه كذب عليه في الشعر الذي رويتموه.
قيل لها : فإن قال لكم قائل مثل هذا الكلام ، وإنه كذب عليه في الشعر الذي ذكرتموه ، ما يكون الانفصال؟!
واعلم أنا لم نقل لهم ذلك إلا لنعلمهم أنه لا حجة في أيديهم ، وأنه لا فرق بين قولهم وقول من قلبه عليهم ، ولسنا ننفي عن حسان الكذب ، ولا رأينا فيه بحسن ، وذلك أنه فارق الإيمان وانحاز إلى جملة أعداء أمير المؤمنين عليهالسلام وحصل من عصبة عثمان ، فهو عندنا من أهل الضلال.
فإن قال لنا قائل : كيف تجيزون ذلك عليه بعد ما مدحه به الرسول صلى الله عليه وآله في يوم غدير خم وأثنى عليه؟
قلنا : إن مدحه له وثناءه عليه كان مشترطا ولم يكن مطلقا ، وذلك أنه قال : «لا تزال مؤيدا ما نصرتنا بلسانك» وهذا يدل على أنه متى أنصرف عن النصرة زال عنه
__________________
(٥٠) كفاية الطالب : ٦٤ ، فرائد السمطين ١ : ٧٢ / ٣٩ ، مناقب الخوارزمي : ٨٠ ، أمالي الصدوق : ٤٦٠ / ٢ ، الفصول المختارة : ٢٣٥ ، إعلام الورى : ١٦٥.