الفصل الخامس :
يوم الغدير أعظم الأعياد في الإسلام
تمهيد :
إن العيد ني الإسلام ـ وفي كل دين إلهي ـ يختلف عن الأعياد في سائر الأمم غير المتدينة ، من ناحية السبب ومن ناحية مراسم العيد.
أما من ناحية السبب ، فليس هو نتيجة إشباع الشهوات المادية الحيوانية والتي لا تحصل في أكثر الأحيان إلا بعصيان الله جل وعلا ، وليس نتيجة لفتح البلاد وهو لا يحصل إلا بالظلم والجور غالبا ، بل من ناحية عامة : كل يوم لا يعص الله فيه فهو عيد ، فالعيد يوم نصر العباد في ميدان المجاهدة ضد الميول الشيطانية ، وأما الأعياد الخاصة فهي حمد من العبد لله بما أنعم عليه ووفقه للعمل بالتكاليف الإلهية ، أو تجليل لعبد خالص بذل قصارى جهده في سبيل الحق ورضي بتضحية أعز الأشياء لديه ، فبعد صوم ثلاثين يوم في شهر رمضان يشكر العبد مولاه في يوم عيد الفطر على توفيقه لذلك ، وكذا في يوم الأضحى يحيي ذكرى تسليم عبد مؤمن في حضرة الرب ، وهو شكر على التوفيق في الحج.
وأما من ناحية مراسم العيد ، فليس يوم العيد يوم لهو ولعب بما يسخط الله ، ولا يوم ترف وسرف ، بل هو يوم السرور بمرضاة الرب ، يوم الحمد والشكر لله ، يوم التقرب إليه سبحانه ، يوم توبة العباد إلى ربهم وعناية الرب بقبول توبتهم ، فهو يوم العبادة والإنفاق على الفقراء ، فمدار العيد في الإسلام هو الله ، مبدؤه ومنتهاه.
وبعد ، فأي يوم أشرف عند الله من يوم الغدير؟! وفيه إكمال الدين وإتمام النعمة ، وهو ذكرى أعظم موطن وقف فيه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بما لو لم يفعل لما بلغ رسالته.
وتد مر في الفصل السابق كلام اليهودي مع عمر في لزوم اتخاذ يوم نزول آية