العديد من الحوادث التي لا يجدون لها تفسيرا في شيء الا في الغيب وارادة الله .. ولكنهم لا يشعرون.
وتجدر الاشارة هنا الى الملا صدرا الفيلسوف العظيم الذي سبق زمانه بمئات السنين ، حيث لا أدوات ومختبرات ، فانه قال فيما قال عند تفسير هذه الآية ما نصه بالحرف الواحد : «ان مادة العناصر قابلة لأن تكون منها صورة غير متناهية على التعاقب ، فيجوز أن يستحيل بعض أجزاء الحجر ماء».
ومحل الشاهد الذي يجب الوقوف عنده هو قوله جازما : «يجوز أن يستحيل بعض أجزاء الحجر ماء». يشير بهذا الى التأكيد على نظرية التطور التي اكتشفها هو واهتدى اليها قبل دارون بثلاثة قرون (١) ، على ان دارون خصص النظرية بالأعضاء العضوية فقط .. أما صدر المتألهين فقد عممها لجميع الكائنات ، حتى الجماد ، كما رأيت من جواز استحالة الحجر الى ماء .. وكم لهذا العظيم من اكتشافات! ولو كان غربيا لما كان انشتين أشهر وأعرف ، ولكن انشتين غربي ، بل يهودي أيضا .. والملا صدرا شرقي ، بل شيعي أيضا.
لقد سبق هذا العظيم الى نظرية التطور بأوسع معانيها ، وزادته هذه النظرية ايمانا على إيمانه بالله واليوم الآخر ، وأضاف بسبب اكتشافها أدلة جديدة على وجود الله لم يسبقه اليها أحد من أرباب الفلسفة الإلهية ، حتى سمي بحق صدر المتألهين ، وجاء برهانا قاطعا على جهل جلادستون والملايين من اتباعه في زعمه : «ان كيان الله كخالق هذا الكون قد انتهى بنظرية التطور». بل العكس هو الصحيح.
واذ قلم يا موسى الآة ٦١ :
(وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ فَادْعُ لَنا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِها وَقِثَّائِها وَفُومِها وَعَدَسِها وَبَصَلِها
__________________
(١) الملا صدرا من عظماء القرن السادس عشر الميلادي ، وكان دارون في أواخر القرن التاسع عشر.