الثمن من الشيطان ، وليس من الضروري أن يكون الثمن مالا فقط ، فقد يكون جاها ، أو غيره من الشهوات والملذات الدنيوية (١).
وكرر الله سبحانه الويل للمزوّرين ثلاث مرات في آية واحدة ، للتأكيد على ان الافتراء عليه ، وعلى نبيه من أعظم المعاصي وأشدها عقابا وعذابا : (وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللهِ كَذِباً ، فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ ، وَقَدْ خابَ مَنِ افْتَرى) ـ طه ٦١».
العالم لا يحكم بالواقع :
ونشير بهذه المناسبة الى ان العالم مهما بلغت مكانته من العلم فعليه أن لا ينسب أي شيء الى الله ورسوله على انه هو الواقع المسطور في اللوح المحفوظ ، فإذا أفتى بالتحليل أو التحريم ، أو حكم بشيء على انه حق ، أو فسر آية أو رواية ، فعليه إذا فعل شيئا من ذلك أن يفعله بتحفظ ملتفتا الى أن حكمه ، أو فتواه ، أو تفسيره ما هو إلا مجرد رأي ونظر يخطئ ويصيب ، لا صورة طبق الأصل عن الواقع ، وبهذا وحده يعذر عند الله إذا اجتهد وأفرغ الوسع ، أما إذا قصر في الاجتهاد والبحث ، أو بحث ونقب ولم يقصر ولكنه جزم بأن قوله هو قول الله ورسوله بالذات دون سواه ، أما هذا فشأنه شأن الذين يفترون على الله الكذب ، حتى ولو كان أعلم العلماء ، لأن العالم لا يفتي ولا يحكم بالحق واقعا ، بل بما يعتقد انه الحق ، وهذا يحتمه مبدأ عدم العصمة.
وقالوا لن تمسنا النار الآة ٨٠ ـ ٨٢ :
(وَقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللهِ عَهْداً
__________________
(١) أثبت أهل الاختصاص بتاريخ اللغات والعادات ان التوراة الحالية التي يعتقد اليهود انها نزلت من الله على موسى ، أثبتوا انها الفت في عصور لاحقة لعصر موسى بأمد غير قصير ، واستخرج الباحثون هذه الحقيقة من ملاحظة اللغات والأساليب ومن الأحكام والموضوعات ، والبيئات الاجتماعية والسياسية التي تنعكس في التوراة ، ولا تمت إلى عصر موسى بسبب ، وسنحاول العودة ثانية إلى هذا الموضوع بصورة أوسع ان شاء الله.