وجه صحيح ، وعلى وجه فاسد ، فهل يحمل على الصحة ، أو على الفساد ، أو يجب التوقف وعدم الحكم بشيء إلا بدليل قاطع ، ومثال ذلك أن ترى رجلا مع امرأة لا تدري : هل هي زوجته أو أجنبية عنه ، أو تسمع كلاما ، وأنت لا تدري : هل أراد به المتكلم النيل منك ، أو لم يرد ذلك؟ وقد اتفق الفقهاء على وجوب الحمل على الصحة في ذلك وأمثاله ، واستدلوا فيما استدلوا بقوله تعالى : (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً) وبقول علي أمير المؤمنين : ضع أمر أخيك على أحسنه .. وبقول الإمام جعفر الصادق : كذّب سمعك وبصرك عن أخيك ، فان شهد عندك خمسون قامة انه قال ، وقال هو لك : اني لم أقل ، فصدقه وكذبهم.
وهذا مبدأ انساني بحت ، لأنه يكرس كرامة الإنسان ، ويؤكد علاقة التعاون والتعاطف بين الناس ، ويبتعد بهم عما يثير الكراهية والنفور .. وبهذا يتبين ان الإسلام لا يقتصر على العقيدة والعبادة ، وانه يهتم بالانسانية وخيرها ، ويرسم لها الطرق التي تؤدي بها الى الحياة المثمرة الناجحة.
ولكن الذين باعوا دينهم للشيطان استغلوا هذا المبدأ الانساني ، وانحرفوا به عن هدفه النبيل ، وبرروا به أعمال القراصنة والمرابين .. وبديهة ـ كما أشرنا ـ ان مبدأ الحمل على الصحة لا ينطبق على أعمال السلب والنهب ، والاحتيال والتضليل ، وما الى ذلك مما نعلم علم اليقين انه من المحرمات والموبقات .. وانما ينطبق على ما نحتمل فيه الصدق والكذب ، والصحة والفساد.
لا تسفكون دماءكم الآة ٨٤ ـ ٨٦ :
(وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ وَلا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (٨٤) ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِنْكُمْ مِنْ دِيارِهِمْ تَظاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسارى تُفادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْراجُهُمْ