ما يؤمنون» انه ما آمن احد منهم إطلاقا لا قليلا ولا كثيرا ، يقال : قلما يفعل ، بمعنى لا يفعل البتة .. والأول أصح ، لقوله تعالى : (وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلاً) ـ النساء ١٥٦».
المصلح الصادق والمزيف الكاذب :
وينبغي الوقوف قليلا عند قوله تعالى : أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم الخ .. ان هذه الآية الكريمة كما تضمنت التوبيخ لمن يعصي الرسل ، ويرفض الحق إذا لم يوافق هواه فإنها أيضا تتضمن التوبيخ لمن يتساهل مع الناس ، ولا يجابههم بكلمة الحق تزلفا اليهم ، وطمعا في المكانة عندهم .. ان المصلح الصادق يقول الحق ، ولا يخشى في الله لومة لائم ، لأن هدفه الأول والأخير هو مرضاة الله وحده ، ومن أجلها يستشهد ويضحي بالنفس ، ويقدم للأجيال مثلا أعلى في اتباع الحق والجهر به ، أما المزيف الكاذب فيستهدف مرضاة الناس لتروج بضاعته عندهم ، قال أمير المؤمنين (ع) : لا تسخط الله برضا أحد من خلقه ، فان في الله خلفا عن غيره ، وليس من الله خلف في غيره.
ولما جاءهم كتاب الآية ٨٩ ـ ٩١ :
(وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكافِرِينَ (٨٩) بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِما أَنْزَلَ اللهُ بَغْياً أَنْ يُنَزِّلَ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ فَباؤُ بِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ مُهِينٌ (٩٠) وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِما أَنْزَلَ اللهُ قالُوا نُؤْمِنُ بِما أُنْزِلَ عَلَيْنا وَيَكْفُرُونَ بِما وَراءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ