يدخلها أحد غيرهم ، وأمرهم ـ ان كانوا صادقين ـ بتمني الموت ، لأن من اعتقد انه للجنة قطعا آثر الموت المريح على حياة البلاء والشقاء.
ثم أخبر القرآن ان اليهود أشد الناس حرصا على حياة الدنيا ، بل هم أحرص عليها من الذين لا يؤمنون بجنة ولا نار ، بل ان الواحد منهم يتمنى لو عاش ألف سنة ، ولكن تعميره لا يجديه شيئا ، ولا ينجيه من العذاب .. والغرض من الجدال بهذا المنطق العقلي السليم هو الزام اليهود الحجة بأنهم كاذبون في دعواهم الايمان بالتوراة ، وفي زعمهم بأنهم شعب الله المختار.
قال الشيخ المراغي في تفسيره : «جاء في الأخبار ان عبد الله بن رواحة كان ينشد وهو يقاتل الروم :
يا حبذا الجنة واقترابها |
|
طيبة باردة شرابها |
وان عمار بن ياسر في حرب صفين قال :
غدا نلقى الأحبه |
|
محمدا وصحبه |
فان لم يتمن اليهود الموت فما هم بصادقي الايمان ، وهذه حجة تنطبق على الناس عامة ، فيجب على المسلمين أن يجعلوها ميزانا يزنون بها دعواهم اليقين بالايمان ، والقيام بحقوق الله ، فان ارتاحت نفوسهم لبذل أرواحهم في سبيل الله كانوا مؤمنين حقا ، وان ضنوا بها إذا جد الجد ودعا الداعي كانوا بعكس ما يدعون».
المصلحة هي السبب لا الجنسية :
ونحن لا نشك أبدا بأن مسألة تكذيب اليهود لمحمد (ص) ليست مسألة ايمانهم بخصوص ما ينزل عليهم من الوحي تعصبا لجنسيتهم ، كلا ، والف كلا .. ان الدافع الوحيد للتكذيب هو مصالحهم الشخصية ، ومنافعهم المادية ، انهم يعيشون على الغش والربا والدعارة ، ومحمد (ص) يحرم ذلك ، فكيف يؤمنون به؟. والدليل انهم كفروا بتوراتهم ، وقتلوا أنبياءهم ، ولا سبب الا حرصهم على المنفعة الذاتية ، وكل من حرص على منفعته لا يجدي معه جدال بالحسنى ، وفي