الا كافر بالله ، معاند للحق. والمراد بالفسق هنا فسق العقائد ، أي الكفر ، لا فسق الأفعال الذي يجتمع مع الايمان.
(أَوَكُلَّما عاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ). والعهود التي نبذها ونقضها اليهود كثيرة : منها الايمان بمحمد ، ومنها عدم اعانة المشركين عليه ، ومنها تصديق الأنبياء وعدم قتلهم ، ومنها ان لا يعبدوا الا الله ، وغير ذلك .. فكذّبوا محمدا ، وأعانوا عليه أهل الشرك أعداءه وأعداءهم ، وكذّبوا الأنبياء ، وصلبوا السيد المسيح ، وعبدوا العجل ، وفعلوا الأفاعيل.
(بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ). أي ان فريقا منهم عبدوا العجل ، وقتلوا الأنبياء ، وغير ذلك ، والأكثر لم يفعلوا شيئا من هذا النوع ، ولكنهم مع ذلك هم الكفرة الفجرة.
واختصارا ان المبطل يستطيع أن يدعي الحق لنفسه ، والمجرم البراءة لها ، وأيضا يستطيعان أن يبررا الباطل والجريمة بالأقاويل والأباطيل ، ولكن سرعان ما يفتضحان إذا دمغتهما البراهين التي لا مفر منها ، ولا ملجأ ، كما افتضح اليهود في كذبهم ودعواهم العمل بما أنزل الله عليهم من الوحي والعداء لجبريل.
التعايش السلمي ، والايمان بالله :
يهدف الداعون الى التعايش السلمي ـ فيما يهدفون اليه ـ ان تحل الخلافات بين المتخاصمين بالمؤتمرات والمفاوضات .. ولكن قد علمتنا التجارب ان المنطق السليم ، والمحاجة بالحسنى لا تجدي شيئا مع أرباب الامتيازات والمنافع الشخصية .. فمحال أن يتنازل أهل الأطماع عن أطماعهم الا بوسائل الضغط والتخويف .. ان التعايش السلمي يحتاج الى عقل متفتح ، وخلق كريم .. وأي خلق كريم عند من لا يؤمن الا بالمادة ، والا بالاحتكار والاستثمار .. وأية حجة تقنع أهل الطمع والجشع!
يقال : ان كلا من الكتلتين : الشرقية والغربية ، تدعو الى التعايش السلمي فيما بينهما ، وفي الوقت نفسه تتسلح كل منهما ، وتتحصن خوفا من الأخرى .. ان أقل ما يفرضه هذا التعايش ان تتفقا معا على التسليم فعلا لا قولا بما قامت