(فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ). أي أعرضوا الآن ، ولا تتعرضوا لعقابهم وتأديبهم ، حتى يأمركم الله بذلك ، فان الأمور رهن بأوقاتها ، وفي كثير من التفاسير ان الله سبحانه أمر المسلمين بالاعراض عنهم الى ان نزل قوله تعالى : (قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ). وغير هذه الآية من آيات القتال ، وقال الرازي : ان الإمام محمد الباقر (ع) قال : ان الله لم يأمر نبيه بالقتال ، حتى نزل جبريل بقوله تعالى : (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ) وقلده سيفا.
مخالفة الحق :
كل ما في الحياة من كفر وإلحاد ، وفسق وفجور ، وتهتك وفساد ، وظلم وطغيان ، وحروب ومشاحنات ، وفقر وبؤس ، كل ذلك ، وما اليه من أوباء وأدواء يرجع في النهاية الى سبب واحد ، هو مخالفة الحق .. ولو أنصف الناس لسعد واستراح كل الناس ، لا القاضي فقط .. وان في قوله تعالى : (فَما ذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ) اشارة الى هذه الحقيقة .. أجل ، ان الحق لا يعدم نصيرا في كل زمان ، ولكنه قليل ، ولو وجد الحق أنصارا كما يجد الباطل لكان العالم في هناء وأمان .. بل لو طالب كل ذي حق به ، وقام بواجبه لما رأينا للظلم والباطل عينا ولا أثرا.
وقد أقام الله للحق دليلا يهدي اليه ، ويدل عليه من الفطرة وكتاب الله ، ومن نبيه الأكرم ، وأهل بيته الأطهار الذين ساوى صاحب البيت بينهم وبين القرآن بأمر من الله ، كما جاء في حديث الثقلين الذي رواه مسلم في صحيحه ، فمن عاند هذا الدليل على علم به فقد عاند الله ورسوله ، تماما كما فعل اليهود والمشركون.
واقيموا الصلاة الزكاة الآة ١١٠ :
(وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ إِنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (١١٠))