مأخوذ من الشق ، وهو الجانب ، أي ان كل واحد أصبح في شق غير شق صاحبه ، وصبغة مأخوذة من الصبغ ، قال صاحب مجمع البحرين : ان النصارى كانوا إذا ولد لهم مولود غمسوه في ماء أصفر ، يسمونه المعمودية ، ويعتبرون ذلك تطهيرا له ، وهو بمنزلة الختان عند المسلمين ، فقال الله سبحانه : التطهير هو صبغة الله ، أي ان المطهر الحقيقي للعقول والقلوب هو الدين الحق.
الإعراب :
تهتدوا مجزوم بجواب الأمر ، وهو كونوا ، لان فيه معنى الشرط ، أي إن تكونوا على اليهودية والنصرانية تهتدوا ، ولفظ ملة منصوب بفعل محذوف ، أي نتبع ملة ابراهيم ، وحنيفا حال من ابراهيم ، ولفظ صبغة الله منصوب على المصدر ، أي صبغنا صبغة الله ، وصبغة من قوله تعالى (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً) تمييز محول عن المبتدأ ، أي ومن صبغته أحسن من صبغة الله.
المعنى :
(وَقالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى تَهْتَدُوا). الضمير في قالوا يعود الى أهل الكتاب ، والمعنى قال اليهود ، كونوا يهودا تهتدوا ، لأن الهداية بزعمهم تنحصر بهم وحدهم ، وقال النصارى مثل قول اليهود .. وقال الله لنبيه الأكرم محمد (ص) : (قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ) ، أي لا نتبع اليهودية ، ولا النصرانية ، بل نتبع ملة ابراهيم. وقد ذكرنا في تفسير الآية ١١١ ـ ١١٣ ما يلقي ضوءا على هذه الادعاءات وما اليها.
المنطق الجدلي :
وربّ قائل يقول : اليهود قالوا : نحن المحقون فقط ، والنصارى قالوا : بل نحن فقط .. ومحمد (ص) قال : بل ابراهيم هو المحق لا اليهود ولا النصارى. وكل هذه الأقوال مصادرات وادعاءات بظاهرها ، وإذا صح لليهود