الإسلام ، أو عن أي شيء ينطبق عليه الحق والعدل والانسانية فانه ينتقل من عالم الشهادة الى عالم الغيب ، ويحيا هناك حياة طيبة ، وانه يمتاز عند الله عمن مات حتف امه ، قال أمير المؤمنين (ع) : والذي نفس ابن أبي طالب بيده لألف ضربة بالسيف أهون عليّ من ميتة على فراش .. أما حقيقة حياة الشهيد بعد الموت ، وما هو الرزق الذي يتنعم به فأمر لا نعرفه ، ولا نبحث عنه ، لأننا غير مكلفين بمعرفته.
ثمن الجنة :
(وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ). ما اتبع الحق واحد الا دفع ثمنه من نفسه ، أو أهله ، أو ماله ، وكلما عظم الحق عظم الثمن المرير ، ولو لا هذا لم يكن لأنصار الحق من فضل ، ولاتّبع الناس ، كل الناس الحق .. وبهذا نجد تفسير الحديث الشريف : «البلاء موكل بالمؤمن .. وان أشد الناس بلاء الأنبياء ، ثم الذين يلونهم الأمثل فالأمثل» .. وأيضا بلاء الأنبياء يأتي على قدر منزلتهم ، قال الرسول الأعظم (ص) : ما اوذي نبي بمثل ما أوذيت. وقال أمير المؤمنين (ع) ان الحق ثقيل مريء ، والباطل خفيف ووبيء .. وكفى شاهدا قوله تعالى : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ) ـ البقرة ٢١٤.
وتدل هذه الآية على ان الجنة محرمة إلا على من ضحى في سبيل الله ، ولا تنحصر التضحية في ميدان القتال ، وجهاد أهل الشرك والكفر ، بل إن أيّ مكروه يتحمله الإنسان من أجل الدفاع عن الحق والعدل لهو تضحية في سبيل الله ، وثمن لدخول الجنة ، حتى ولو كان الدفاع بكلمة يجابه بها مبطلا ، ويناصر محقا.
بعد أن باشرت بكتابة التفسير تكوّن عندي يقين لا يشوبه ريب بأن الجنة محرمة إلا على من أوذي ، وتحمل صابرا ، ولو شيئا من الضغط والبلاء في سبيل الحق والعدل ، وعلى الأقل أن يكبح نفسه عما تميل اليه من المحرمات ، أو يحملها على بذل ما لا تجود به طوعا ، أو يجهد نفسه من أجل غيره ، ولو