وهو صوم رمضان ، ومنها في العمر مرة ، وهو الحج للمستطيع ، والحج أحد الأركان الخمسة التي بني عليها الإسلام ، وهي : شهادة ان لا إله إلا الله ، وان محمدا رسول الله ، واقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وحج البيت ..
والعمرة عادة كالحج ، ولكن لا وقوف فيها بعرفة ، ولا مبيت بالمزدلفة ، ولا رمي أحجار وجمار في منى ، ويأتي التفصيل في الآية ١٩٦ وما بعدها من هذه السورة ، وبقية السور التي تشير الى شيء من ذلك. وتجمل الاشارة الى ان العبادة بشتى أنواعها بما فيها أعمال الحج لا مجال فيها للاجتهاد ، ولا للتعليلات وغيرها ، وانما يقتصر فيها على نص الكتاب والسنة فقط ، وكل ما يتعدى ذلك لم يأذن الله به.
والذي تعرضت له هذه الآية ، ودل ظاهرها عليه هو ان الصفا والمروة من الأماكن التي يتعبد الإنسان فيهما لله بالطواف بهما ، وهذا الطواف المشار اليه بقوله سبحانه : (فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما) ان هذا الطواف هو المعروف بالسعي بين الصفا والمروة .. أما كيفية السعي وعدد أشواطه ، والابتداء بالصفا فيأتي بيانه في موضعه ان شاء الله تعالى.
وتسأل : ان السعي بين الصفا والمروة في حجة الإسلام واجب بالإجماع ، مع ان التعبير بعدم الجناح لا يفيد الا مجرد جواز الفعل ، وعدم الإثم فيه ، وهذا أعم من الوجوب والاستحباب والاباحة ، والعام لا يدل على الخاص؟.
الجواب : ان قوله تعالى : (فَلا جُناحَ عَلَيْهِ) لم يرد لبيان حكم السعي ، وانه فرض أو غير فرض ، وانما ورد لبيان ان السعي مشروع ، وان الإسلام يجيزه ويقره .. أما معرفة حكمه ، وهل هو فرض أو ندب فيستفاد من دليل آخر ، وقد تواترت السنة النبوية ، وأجمع المسلمون على وجوب السعي في حجة الإسلام.
وجاء في مجمع البيان : «ان الإمام جعفر الصادق (ع) قال : كان المسلمون يرون ان الصفا والمروة مما ابتدع أهل الجاهلية ، فأنزل الله هذه الآية». أي ان الله سبحانه نفى هذا الوهم ، وبيّن ان الصفا والمروة من الإسلام في الصميم ..