المعنى :
(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْداداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ). أي ان بعض الناس يشركون بالله ، لأنهم قد جعلوا له نظراء في بعض خصائصه ، كالنفع والضرر .. وعن الإمام الباقر (ع) انه قال : الأنداد الذين اتخذوهم ، وأحبوهم كحب الله هم أئمة الظلمة ، وأشياعهم.
وقيل : ان معنى حب الله سبحانه هو حب الكمال : لأنه الكمال المطلق. وقيل : بل هو العلم بعظمته وقدرته وحكمته. وقيل : الايمان بأنه المبدئ المعيد ، وان كل شيء في يده .. ونحن على الطريقة التي التزمناها من اختيار المعنى الملائم الواضح القريب الى كل فهم ، وعلى هذا الأساس نقول : ان الذي يحب الله هو الذي يخالف هواه ، ويطيع مولاه ، كما قال الإمام الصادق (ع) في تعريف من يؤخذ الدين عنه ، وبكلمة : ان معنى حبك لله ان تترك ما تريد لما يريد ، كما ان معنى محبة الرسول (ص) العمل بسنته ، أما حب الله لعبده فاجزال الثواب له ، وجاء في الحديث : «سأعطي الراية غدا الى رجل ـ وهو علي بن أبي طالب ـ يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله». أي ان عليا يطيع الله ، والله يجزل له الثواب ، والرسول يكرمه ويقدمه.
وبعد ، فان كل من يؤثر طاعة المخلوق على طاعة الخالق فقد اتخذ من دون الله أندادا ، من حيث يريد ، أو لا يريد.
(وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ). لأنهم لا يشركون أحدا في طاعته ، والثقة به ، والتوكل عليه ، أما غير المؤمنين فيثقون بالعديد من الأنداد ، ويشركونهم مع الله في الطاعة ، وطلب الخير ، ودفع الشر.
(وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً). أي لو علم المشركون الذين ظلموا أنفسهم ان لا سلطان في يوم الحق والفصل لأحد سوى الله ، وانه وحده يستقل بعذاب العاصين ، وثواب الطائعين ـ لو علموا ذلك لأيقنوا ان الذي يستقل غدا في شئون الآخرة هو وحده الذي يدبر هذا العالم .. فجواب لو محذوف دل عليه سياق الكلام.
(إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ).